التعثر والارتباك، كانا هما السمتان اللتان ميزتا مؤتمر الاتحاد الاشتراكي، الذي انطلق مساء يوم الجمعة الماضي، فبعدما كانت الأنظار متجهة إلى معرفة تشكيلة اللوائح التي ستقدم إلى رئاسة المؤتمر، بقي الغموض هو السائد إلى حدود منتصف يوم أمس، آخر أيام المؤتمر. وعلمت «المساء» أن اجتماعا تم في بيت محمد اليازغي، مساء السبت، جمع كلا من المرشحين عبد الواحد الراضي وجمال أغماني، أفضى إلى إعلان تحالف اللائحتين، على أساس أن يتنازل أغماني عن ترشيحه، مقابل أن يحتل موقعا متقدما، هو ورفاقه في لائحة الراضي. وأكد أغماني، في اتصال مع المساء، أنه تحالف مع الراضي، لكنه أضاف قائلا: «المشكل هو أن هناك من بات يدعو إلى التراجع عن نظام اللائحة». وأدى تسرب خبر التحالف إلى حصول ارتباك وسط بقية اللوائح، خاصة المرشحين الحبيب المالكي، وفتح الله ولعلو، وإدريس لشكر، الذين شعروا بأن الكفة ربما تميل إلى الراضي الذي تعززت حظوظه بدعم اليازغي. وقال مصدر اتحادي ل«المساء» إن ولعلو ولشكر والمالكي، أعادوا النقاش من جديد داخل اجتماعات ماراطونية للمكتب السياسي، حول عدم إمكانية تطبيق نظام اللائحة، وشرعوا في تعبئة أنصارهم داخل المؤتمر من أجل التراجع عن هذا النظام أثناء عرض المقرر التنظيمي للمصادقة عليه في المؤتمر. لكن المالكي نفى في حديث ل«المساء» هذه الأخبار، وقال إنه ملتزم بنظام اللائحة كما أقره المجلس الوطني، «إلا إذا قرر المؤتمر عكس ذلك»، وعبر المالكي عن رفضه للتحالف الذي تم بين الراضي وأغماني، وقال: «هذا لا يساعد على ترسيخ تقاليد ديمقراطية داخل الحزب»، مشيرا إلى أن التحالفات يجب أن تتم بعد ظهور النتائج. وإلى حدود منتصف نهار أمس، واصل المكتب السياسي اجتماعاته الماراطونية للتوصل إلى اتفاق يسمح باستئناف أشغال المؤتمر المتعثر، لكن دون جدوى. وكان مقررا أن ينهي المؤتمر نقاشاته للتقريرين المالي والأدبي، بالمصادقة عليهما السبت، إلا أن ذلك لم يتم رغم أن الجلسة استمرت إلى الساعة الثانية والنصف من ليلة السبت-الأحد. وبعدم المصادقة على التقريرين، فإن المكتب السياسي لم يقدم استقالته أمام المؤتمر، مما فتح له المجال للاستمرار في اجتماعاته على هامش المؤتمر، أملا في التوصل إلى اتفاق. وإلى حدود الساعة الواحدة بعد زوال أمس الأحد، لم تنطلق جلسة المؤتمر، حيث كان مقررا الشروع في مناقشة المقرر التنظيمي الذي يقر نظام الترشيح باللائحة، وقال مصدر من أنصار لائحة الراضي ل«المساء» إنه لن يتم التسامح في التراجع عن اللائحة، مضيفا: «سنتصدى للذين يريدون التراجع». وكان مقررا أن تبدأ جلسة يوم الأحد على الساعة التاسعة صباحا بالمصادقة على التقريرين المالي والأدبي، والمصادقة على المقرر التنظيمي، إلا أن الجلسة تعثرت باحتجاجات قوية قادها اتحاديون من مدينة مراكش، بسبب ما وصفوه بإقصائهم من العضوية في المؤتمر، وانضافت هذه الاحتجاجات إلى مسيرات نظمها مساء السبت اتحاديون من مدينة العرائش وسط المؤتمر احتجاجا على كاتبهم الجهوي، الذي وصفوه في بيان لهم بأنه «مخرب جهوي»، بسبب اختياره ل11 مندوبا للمؤتمر دون انتخابات محلية. كما برزت مشاكل في عضوية المؤتمر في جهة الدارالبيضاء. وشرعت لجنة من سكرتارية اللجنة التحضيرية في اجتماعات ماراطونية على هامش المؤتمر من أجل حل مشكل العضوية، وقال مصدر اتحادي إن عدد المؤتمرين وصل إلى أزيد من 2000 مؤتمر بدل 1365، وأن غياب اللجنة التنظيمية أدى إلى دخول العديد من الاتحاديين قاعة المؤتمر. وكان افتتاح المؤتمر قد عرف تأخرا بساعة ونصف، مساء الجمعة الماضي، وكانت تلك أولى مؤشرات الارتباك في التحضير.. كثير من الاتحاديين المؤتمرين، الذين جاؤوا من مناطق مختلفة، بدؤوا يشعرون بالاستياء مع تأخر انطلاق المؤتمر، خاصة أن لجنة التنظيم استدعتهم للحضور ابتداء من الساعة التاسعة صباحا دون أن توفر لهم وجبة الغداء. وفي كلمته التقديمية باسم اللجنة التحضيرية، حاول محمد بن يحي بث نفحة حماسية وسط المؤتمرين، من خلال حديثه عما جرى من قمع في مدينة سيدي إفني، مطالبا المؤتمر بأن تكون له كلمة في التجاوزات التي عرفتها المدينة.