أزكمت الروائح الكريهة المنبعثة من جثة رجل مهملة منذ ثلاثة أيام داخل مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي بابن سليمان الآيل للانهيار، أنوف المرضى والعاملين به. وحالت دون ولوج الطاقم الطبي والمرضى إلى عدة غرف. بسبب تدهور المستودع الذي لا يسع سوى لجثتين، وتماطل الجهات المعنية في إتمام أشغال مركز الطب الشرعي المتوقفة منذ سنوات. وتعود الجثة لرجل وافته المنية السبت الماضي بمدار بوزنيقة الشاطئ، حيث تم نقل جثته إلى المستشفى لتخضع للتشريح، لكن جثمان الراحل الذي كان يدعى قيد حياته حميد شريط من مواليد سنة 1962 بمنطقة سيدي حجاج، وهي المعلومات التي استقتها الشرطة القضائية ببوزنيقة من بطاقة التعريف الوطنية التي كانت معه لحظة الوفاة، لم يجد أحدا من أقاربه لاستلامها. التعفن والروائح الكريهة التي شلت حركة المستشفى منبعثة أيضا من الجدران المتآكلة بفعل الرطوبة والتسربات المائية، وركام مخلفات الأدوية المهملة من طرف بلدية المدينة، فقد عاينت «المساء» عمال الإنعاش الوطني يحملون بأيديهم العارية نفايات المستشفى الإقليمي لوضعها فوق عربة الجرار، دون أدنى حماية من المواد الكيميائية للأدوية المستعملة والأمراض والأوبئة والجراثيم التي يمكن أن تنتقل إليهم. مصدر من داخل المستشفى أكد أن الجرار يأتي يوميا لجمع القمامة الطبية، وأنه سبق تحذير العمال من خطورة حمل القمامة بالأيادي العارية دون جدوى، وأن العمال مهددون بالإصابة بأمراض خطيرة. فالمستشفى الوحيد بالإقليم، الذي رفعت بشأنه منذ أزيد من نصف سنة، تقارير تؤكد أن بعض جدرانه وأسقفه آيلة للسقوط، وأنه لم يعد صالحا حتى لتربية المواشي بشهادات العاملين به والوافدين عليه، لازال يؤدي خدمات متواضعة، في الوقت الذي أغلقت داخله غرف المبيت وبعض مكاتب الأطباء خوفا من انهيار مبنى المستشفى. وأصبح العاملون فيه يستعملون ممرات خارج بناية المستشفى لولوج مكاتبهم الضيقة والمتآكلة. ورغم معاناة الساكنة والعاملين في المستشفى، فإن المعنيين بالقطاع أخلفوا وعودهم بشأن فتح أبواب مستشفى الجديد متعدد الاختصاصات المغلق لأسباب مجهولة. فلا عمالة ابن سليمان ومجلسها البلدي التزما بتهيئة المسالك المؤدية إلى المستشفى، وإحداث مساحات خضراء بداخله وفي محيطه، ولا وزارة الصحة أسرعت في إتمام أشغال المستشفى، واستدراك تجاوزات وخروقات الشركة الصينية التي بنت المستشفى وانسحبت دون إتمامه.