في تطور ملفت للحرب الدائرة رحاها بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة منذ ميلاده في 7 غشت 2008، هاجم حزب كاتب الدولة الأسبق في الداخلية فؤاد عالي الهمة، بشدة حزب عبد الإله بنكيران، واصفا مشروعه السياسي ب«الإقصائي»، وداعيا الوزير الأول عباس الفاسي والأحزاب السياسية إلى اتخاذ مواقف واضحة منه عوض الركون إلى منطق «الرمادية». وجاء الهجوم الجديد على خلفية تصريح عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الحادي عشر للحركة الشعبية، مساء يوم الجمعة المنصرم، بأن الأحزاب الوطنية في المغرب هي أربعة أحزاب: الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والعدالة والتنمية، وهو ما أثار غضب محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، ونائبه حكيم بنشماش، فضلا عن صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، الذين سارعوا إلى مغادرة الجلسة الافتتاحية، دون انتظار انتهاء مراسيمها. واعتبر الحزب في بلاغ صادر عن مكتبه الوطني، مساء أول أمس، أن التصريحات الصادرة عن بنكيران «تؤكد من جديد، حقيقة المشروع السياسي الإقصائي الذي يقوده هذا الحزب وتعامله الأداتي مع الديمقراطية، ومناصرته لخيارات غير تلك المتوافق عليها من قبل مختلف أطياف الطبقة السياسية، والتي تجلت في أكثر من مناسبة، بدءا برغبته في احتكار المقدس المشترك وتوظيفه لغايات ضيقة، وبلورته لمواقف خارج المجمع عليها في ملفات وطنية مصيرية كبرى، والمزايدة بقضايا قومية امتلك فيها المغاربة على الدوام مواقف جريئة سباقة، والتلويح الانتهازي بالأخلاق، وممارسة المظلومية، والتحالف الضمني والصريح مع قوى توجد خارج دائرة المشروعية، واستغلال الغطاء الحزبي لديمومة النهج الدعوي». وقال الحزب إنه «لا ينتظر دروسا في الشرعية من حزب يعرف الجميع طريقة ولادته وملابستها، وسطوه على إطار حزبي جامد، وانتظاره في كل مناسبة سياسية لإشارات، سواء في تحديد سقف حضوره الانتخابي، أو اختيار قيادة لهياكله، كما أن الإدلاء بتصريحات مخالفة لروح ونص الدستور، يثير تخوفاتنا في المكتب الوطني، خصوصا وأن حزب العدالة والتنمية ممثل في مجلس النواب ويشرف وفي متسويات متعددة على تدبير الشأن المحلي»، مضيفا أنه :«في الوقت الذي تنخرط فيه بلادنا، في مسلسل لعقلنة التعددية الحزبية، يلجأ تنظيم ولغايات تبقى مجهولة، إلى إرجاعنا إلى مناقشات مرحلة «الصراع على السلطة» التي اعتقدنا أننا قطعنا معها من خلال الإجماع على دور المؤسسة الملكية ووظيفتها الدستورية والروحية». وفيما يشبه «التحريض» على الحزب الإسلامي اعتبر «البام» أن ما وصفها بالتصريحات غير المسؤولة لبنكيران، تسائل الوزير الأول وباقي الأحزاب السياسية، وتقتضي منهم اتخاذ مواقف واضحة، «عوض الركون إلى منطق «الرمادية»، خصوصا وأن هذه الواقعة تمس جوهر حياتنا الدستورية وأدواتها السياسية والحزبية، لافتا إلى أن التعامل معها بلامبالاة أو انطلاقا من غايات حزبية سجينة حسابات الأغلبية أو المعارضة، لمن شأنه تعريض تجربتنا الديمقراطية لمنزلقات، أو انتكاسات، وهو ما يفرض على أحزاب الصف الديمقراطي الحداثي مزيدا من التعبئة واليقظة قصد تدعيم مسار التحول والتدعيم الديمقراطيين ببلادنا». من جهته، هاجم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب «المصباح» في اتصال مع «المساء» حزب الأصالة والمعاصرة، نافيا الاتهامات الواردة في بلاغه بالقول: «الإقصاء هو سلوك أصيل فيهم أصالة معاصرتهم.. وهم أصحاب الخطوط الحمراء بحق العدالة والتنمية، كما أن مواقفهم من الأحزاب ومحاولة إقصائها معروفة. وليسألوا أنفسهم من يمارس الإقصاء والتهميش تجاه باقي المكونات حقا». وأبدى بنكيران استغرابه من رد فعل حزب الهمة تجاه تصريحاته، التي قال فيها إنه «إذا كان من الضروري تقليص عدد الأحزاب في يوم من الأيام، فإنه من المؤكد بقاء الأحزاب التي خرجت من رحم الشعب»، وقال: «ما يثير الاستغراب أن ما قلته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحركة الشعبية هي فكرة قديمة، وعلى كل حال فقد استقبلها الجمهور الحاضر بحرارة».