فنان موهوب ومتحرر إلى أبعد الحدود.. خلال مسيرته، التقى مهدي قطبي بالملوك والرؤساء والمثقفين الكبار، لكن الحياة لم تبتسم في البداية للطفل غير المرغوب فيه بحي التقدم في الرباط.. - اقتنى منك الحسن الثاني 30 لوحة، لماذا لم يشتر منك محمد السادس أية لوحة حتى الآن؟ < لقد عبر لي في وقت سابق عن رغبته في ذلك، لكنه لم يشتر بعد أية لوحة. لوحاتي موجودة في العديد من القصور الملكية التي يزورها محمد السادس. إضافة إلى هذا شرفني جلالة الملك بالمشاركة في العديد من المعارض الدولية من أجل تمثيل المغرب. - بعت لوحاتك الأولى بفضل الغرباوي أحد أكبر الفنانين التشكيليين المغاربة، هل أدركت حينها أن الفن التشكيلي قد يدر عليك المال؟ < بعت لوحتين بأربعين درهما.. طلب الغرباوي من مرافقيه أن يقتنوها مني لكنني حينها لم أكن أفكر في المال. لدي تسعيرة ملائمة، ولوحاتي لها قيمة محددة وهذا أمر يناسبني تماما. - توفي الغرباوي الذي كان له فضل عليك في باريس، ما الذي نجحت فيه وفشل فيه الغرباوي؟ < أنا متأكد من أن الأمر راجع إلى طبيعة الفترة التي عاش فيها، وهنا أريد أن أحيي الجهود التي قام بها جلالة الملك محمد السادس الذي يعشق الفن كثيرا. إنه يمثل بالفعل قاطرة إقلاع حقيقي للفن تماما مثل ميتيران سنة 1981 الذي خدم الساحة الفنية بفرنسا.. - كنت مقربا من مولاي أحمد العلوي، كيف كانت علاقتك بإدريس البصري؟ < كانت تربطني علاقة صداقة حميمة بإدريس البصري، وابتعدت عنه عندما لاحظت أنه زاغ عن الخط المرسوم بكونه أحد خدام الدولة. عندما تقطع تعاملك مع ملكي فإن الأمر ينتهي. رغم هذا حضرت مراسيم جنازة البصري، وأنا لا أدين له بأي شيء. حضرت مراسيم دفن رجل أعرفه وهذا كل شيء. - هل تجد نفسك أكثر في دور الشخصية النافذة؟ < كنت دائما أقوم بدور الوسيط من أجل تقريب وجهات النظر. - وهل كنت تحصل على مقابل مادي لذلك؟ < لم أحصل أبدا على أي مقابل نظير ما كنت أقوم به. - هل بدأت ربما تحصل وبشكل غير مباشر على الثمن عندما بدأت كبريات المؤسسات في المغرب تشتري لوحاتك ومن بينها بنك المغرب والقصور الملكية؟ < هل هذا يعني التشكيك في موهبتي؟ ربما ساعدتني شبكة علاقاتي في أن أكون رساما ناجحا. سأحكي لك قصة طريفة حدثت معي في أحد الأيام: كنت أتناول وجبة الغذاء مع صحفي بأسبوعية «Le Canard enchaîné» وكان متأكدا أنهم كانوا يدفعون لي مقابل كل ما كنت أقوم به تجاه بلدي وأقسمت له بأنه مخطئ تماما. ولما تبين له أنني متمسك بعنادي، قال لي الصحفي: «إذا لم تكن تحصل حقا على أي مقابل مادي، فإن هذا يعني وجود احتمالين اثنين: إما أنك تكذب علي أو أن المغاربة أغبياء» - على ماذا يعتمد بشكل ملموس عملك كشخصية نافذة؟ < دعيني أخبرك شيئا: لو كنت بالفعل نافذا، لن تكون لي هذه الحرية التي أنعم بها الآن. ليست لدي حسابات أصفيها مع أحد. أعمل كثيرا على الجانب الوجداني وهو ما لا يقوم به غيري.. - ما هي أهم النجاحات التي حققتها بنفوذك؟ < بعيدا عن الافتخار، نجحت في تحقيق أشياء رائعة في الساحة السياسية والاقتصادية وعلى الصعيد الإنساني ليس كمهنة أقوم بها، أنا فقط أجيب بأنني مستعد لتقديم يد العون. لقد شعرت بالسعادة بعدما نجحت في تظاهرة كبيرة ببروكسيل داخل مقر البرلمان الأوروبي وساهمت بالتعريف ببلدي.. - يبدو أنه بين الأيام التي قضيتها بالمامونية والموائد المفتوحة بFouquet’s لن تجد تبريرات أخرى من أي نوع! < أنت تضخمين الأمور.. بالنسبة إلى Fouquet’s قمت فقط بزيارة المسؤول عن إدارته واقترحت عليه تنظيم تظاهرة بنكهة مغربية. أخبرته بأن المغرب بلد عصري وأن مؤسسته ستستفيد من النشاط كثيرا، ووافق في نهاية الأمر دون أن أدين بالفضل لأي شخص كان. - حتى نيكولا ساركوزي الذي أعددت له أول زيارة للمغرب بصفته رئيس الاتحاد من أجل حركة شعبية؟ < لقد أتى إلى المغرب قبل ذلك في إطار زيارات خاصة. كنت أتناول الغذاء ذات يوم صحبة جاك شانسيل صديق نيكولا ساركوزي، وأخبرني بأن زعيم الاتحاد من أجل حركة شعبية وقتها والذي يتوفر على حظوظ وافرة ليصبح رئيس فرنسا لا يعرف الكثير عن المغرب. أبديت له في الحين استعدادي لتنظيم زيارته إلى المغرب، الأمور سارت بشكل جيد وأمضى ساركوزي عطلة نهاية أسبوع عائلية في ضيعة جاك شانسيل. ترجمة سعاد رودي