فنان موهوب ومتحرر إلى أبعد الحدود.. خلال مسيرته، التقى مهدي قطبي بالملوك والرؤساء والمثقفين الكبار، لكن الحياة لم تبتسم في البداية للطفل غير المرغوب فيه بحي التقدم في الرباط.. - قلت في الحلقة الماضية إنك التقيتم الحسن الثاني سنة 1986. هل مازلت تتذكر ما حدث في تلك المقابلة؟ < في الحقيقة، كنت أحاول الحصول على صورة للحسن الثاني. عندما طلبت منه ذلك طلب مني موافاته إلى مكتبه. تمشينا لوقت طويل، وتحدث عن الفن والشعر والحياة.. أسهب في التعبير عن أفكاره لمدة 30 دقيقة. بعد ذلك دعاني شخصيا إلى حضور عيد ميلاده. - لماذا خصك بذلك الاهتمام وأنت بالكاد كنت معروفا في تلك الفترة؟ < أتذكر أنه ذات يوم استقبلني الملك في ملعب للكولف وكان برفقته ادريس البصري ومسؤولون آخرون، وخلالها كذلك تجاذب معي أطراف الحديث.. عند نهاية الحديث، توجه نحوي مولاي أحمد العلوي وقال لي بنبرة هو الوحيد يحمل سرها: «أيها المقيم بالخارج، الظاهر أن الحسن الثاني يحبك كثيرا». عندما يحبني الآخر أحس بالرغبة في العطاء إلى أبعد الحدود لأنني أقدس قيمة الحب كثيرا.. لم أجد تفسيرا للعناية التي كان يخصني بها الملك الحسن الثاني.. أعتقد أن شخصيته من الصعب الإحاطة بكل جوانبها.. بعد نهاية إحدى حفلات عيد ميلاده أخبرني أنه يحب لوحاتي ووافق على إهدائي صورته وسمح لي بنشرها في مجموعة الصور التي أعددتها.. - ماذا كتب أسفل الصفحة؟ < جملة باللغة العربية الفصحى: مع خالص مودتي.. - حظيت طيلة مسارك بلقاءات من هذا النوع، هل وضعت نوعا من التحدي مع نفسك بخصوص لقاء زعماء العالم؟ < لا ولكنني كنت محظوظا مع العديد ممن قابلتهم ومازلت أؤمن بأنه علينا أن نبحث عن الحظ أيضا.. هوبير فيدرين، الوزير الفرنسي السابق، قال ذات يوم عني: أعطوا للمهدي أي شيء يطلبه وإلا فلن يدعكم حتى يحصل عليه.. وحصلت طبعا على كل ما رغبت فيه إلا في ما يخص العلاقات الشخصية. وبما أنني أحمل الإيمان في أعماقي فإنني أرى أن الوضع الحالي جيد جدا.. - سنة 1991، كلفك القصر بشكل رسمي للتدخل من أجل الرد على نزول كتاب جيل بيرو في فرنسا، صديقي الملك.. هل تعتقد أن بيرو كان محقا في نقاط محددة من كتابه؟ < البعض ظل يردد أن هناك مغربيين في باريس يمكن دائما الاعتماد عليهما وهما الطاهر بنجلون ومهدي قطبي. في ذلك الوقت منحني جاك لانغ وسام فارس الفنون والآداب. كنت مقربا من «بيير بيريجوفوي» الذي كان وزيرا أول حينها.. طلبت منه أن يعيد تسليمي الوسام لأن التقاليد تنص على أن الذي يحصل على الوسام هو من يختار الشخص الذي سيمنحه له، ووافق في الحين على طلبي لأنه كان عرابي. دعوت إلى الحفلة شخصيات فرنسية نافذة مثل جون دافيد لوفيت المستشار الدبلوماسي الحالي لنيكولا ساركوزي، هوبير فيدرين، جوبير، نوريسيي، ودعوت كذلك رجال الأعمال إلى جانب عباس الفاسي الذي كان وقتها سفير المغرب في فرنسا. أعددنا خطابا لبيريجوفوي لكنه اختار أن يرتجل خطابا آخر وقال: «أريد أن أبعث من خلالكم رسالة تقدير واحترام إلى الملك الحسن الثاني رغم البرودة التي تعرفها العلاقات بين بلدينا»، كانت تلك بداية المصالحة. - لكن بعد ذلك تراجع بيرو ألا تعتقد أنه لم يخلق شيئا في النهاية؟ < في بعض الأحيان يكون الشر مفيدا. صديقنا الملك أيقظ الحسن الثاني. لغة التواصل بالقصر تغيرت بعد نزول هذا الكتاب وهنا أريد أن أحيي أندري أزولاي الذي غير الخطاب الرسمي والرسائل التي كان القصر يريد تمريرها، لقد تطور بعدها الخطاب الرسمي للمغرب. - بما أنك درست في الثانوية العسكرية، ألم يخطر ببالك أنك لو أتممت تعليمك العسكري لكنت ربما من الانقلابيين؟ لا لأنني أمضيت ثلاث سنوات في نفس الفصل بالثانوية العسكرية بالقنيطرة ولم أكن مهيأ للقيام لذلك، إضافة إلى هذا أنا ابن الشعب والملك يعني لي الكثير لذا لن أقبل بأن يمس أحدهم شعرة من ملكي.. < ترجمة سعاد رودي