الديبلوماسية البرلمانية تعد الديبلوماسية البرلمانية أحد أهم محاور عمل مجلس المستشارين، وتعد جزءا من الديبلوماسية الموازية. وأحيانا يكون عملها ذا أثر كبير. هناك فريق عمل خاص داخل المجلس يعمل تحت إمرة رئيسه، همه الأول إعداد استراتيجية عمل في هذا المجال. تركز ديبلوماسية مجلس المستشارين بالأساس على التعريف بقضية الصحراء المغربية وتعتبرها أولية الأولويات والدفاع عن قضاياه في المنتديات العربية والدولية. داخل المجلس هناك مديرية خاصة مكلفة بالعلاقات الخارجية مهمتها القيام بدراسات، بإعداد تقارير، أو بالحصول على المعلومات.
وقف الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي أمام برلمان الحزب في سنة 1996، مدافعا عن مشروع دستور طرحه الملك الراحل الحسن الثاني للاستفتاء. وكان المشروع الجديد يتضمن برلمانا من غرفتين، غرفة سفلى هي مجلس النواب، وغرفة عليا هي مجلس المستشارين. تعالت الأصوات الغاضبة داخل حزب القوات الشعبية، والداعية إلى رفض المشروع. فالحزب كان قد تقدم بمذكرة رفقة حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية تطالب بإلغاء الثلث المنتخب بالاقتراع المباشر. استجاب الملك الراحل الحسن الثاني لهذا الطلب، ولكنه خلق غرفة ثانية لها اختصاصات وصلاحيات تماثل إلى حد ما صلاحيات الغرفة الأولى المنتخب أعضاؤها بالاقتراع المباشر. وكتبت الشبيبة الاتحادية آنذاك، بقيادة محمد الساسي، مذكرة جاء فيها «لقد استهدفت الكتلة (الديمقراطية) أساسا السعي لتثبيت نوع من اقتسام السلطة مع البرلمان، فوقع الرد الرسمي في اتجاه اقتسام سلطة البرلمان نفسه». وجد عبد الرحمان اليوسفي نفسه في مأزق، بين مطالب الحزب، وإكراهات السياسة ورهاناتها، فجاءت قولته الشهيرة أمام برلمان الحزب لإقناعه بالتصويت الإيجابي على الدستور. قال إن الدستور أحدث غرفة رجعية، ولكن تصويت الحزب بنعم سيكون لأهداف سياسية. صورة «سلبية»؟ كانت هذه الصورة «السلبية»، التي رسمت عن مجلس المستشارين منذ إعادة إحيائه مع دستور 1996 (سبق للمغرب أن اعتمد نظام الثنائية البرلمانية في دستور 1962، غير أنه تخلى عنه فيما بعد)، حاضرة في ذهن الرئيس الجديد لمجلس المستشارين محمد الشيخ بيد الله. إذ قال في أول اجتماع لمكتب مجلس المستشارين يوم تاسع نونبر 2009: «لا يخفى عليكم الكثير من النعوت التي وصف بها مجلسنا منذ أن بدأنا، بمقتضى المراجعة الدستورية لسنة 1996، بنظام الثنائية المجلسية». فقد وصف بأنه «يحمل ملامح الغرفة المعرقلة لعمل الحكومة بحكم توفره على إمكانية إسقاطها، وأنه يضيف عبئا زمنيا على مسطرة التشريع، مما يؤدي إلى بطء الإنتاج التشريعي بالنظر إلى إعمال آلية المكوك، وأن المجلس لم يستطع أن يبصم عملية التشريع والمراقبة بطابع الخصوصية الناتجة عن تمثيليتها الترابية والسوسيو مهنية. ولم يتمكن من رسم هوية خاصة به أمام هيمنة الغرفة الأولى وتحول فضائها إلى صدى لأسئلة ونقاشات مجلس النواب». لا يتفق رئيس مجلس المستشارين مع أصحاب هذه الرؤية، ولا يعتقد أن الصورة التي ترسم عن مجلس المستشارين تطابق الواقع. فهي في نظره لا تمثل «عبئا دستوريا»، لأن طبيعة التمثيل داخل مجلس النواب سياسية، وداخل مجلس المستشارين جغرافية جهوية. كما أن مجلس المستشارين «لم يظهر بمظهر الغرفة المعرقلة ولا لعب دور الوزن المضاد، بل شارك في العملية التشريعية ووظيفة المراقبة بشكل قريب من عمل مجلس النواب». وباختصار، يعتقد رئيس مجلس المستشارين أن المجلس «لا يعيش أزمة الفكرة الدستورية التي حكمت تأسيسه، ولا يعرف خللا في النصوص الدستورية التي تؤطر عمله»، وإنما يجب البحث عن الأعطاب التي تعانيها هذه المؤسسة الدستورية في مواضع وأماكن أخرى. ظاهرة الغياب من بين الأعطاب التي تعانيها المؤسسة التشريعية ظاهرة عدم حضور البرلمانيين لأشغال اللجن أو للجلسات العامة. يشير الفصل 55 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين المصادق عليه في شهر أبريل 1998 إلى أنه «لا بد من تبرير غياب الأعضاء الذين لم يحضروا جلسات اللجان، وهذا التبرير تنشره الجريدة الرسمية في العدد الموالي للاجتماع، كما تنشر نفس الجريدة أسماء الأعضاء الحاضرين والغائبين وتشير كذلك إلى كل تصويت وقع تأجيله نظرا لعدم حضور أغلبية الأعضاء». كما أن الفصل 56 من نفس النظام يؤكد أنه «إذا تغيب عضو أكثر من ثلاث جلسات متوالية وبدون عذر مقبول عن اللجنة التي ينتمي إليها خلال نفس الدورة، فإن اللجنة التي يعنيها الأمر تحيط رئيس المجلس علما بتغيباته. وبعد استفساره من قبل رئيس المجلس واستشارة المكتب يعتبر المستشار المعني بالأمر مستقيلا من تلك اللجنة، ويعمل الفريق الذي ينتمي إليه على تعويضه. يعلن رئيس المجلس عن هذا القرار في الجلسة العامة وينشر في الجريدة الرسمية». وفضلا عن ذلك، هناك فصول أخرى من القانون الداخلي تتحدث عن ضبط حضور المستشارين خلال الجلسات العامة. إذ يحق لهم، وفقا للفصل 153، أن يعتذروا عن حضور جلسة عامة معينة. إلا أن المستشار المتغيب يتعين عليه أن يتقدم برسالة إلى رئيس مجلس المستشارين. غير أنه في الحالة التي يتغيب فيها النائب البرلماني ثلاث مرات خلال نفس الدورة، بدون عذر، عن جلسات مجلس المستشارين، فإن رئيس المجلس يبعث له تنبيها كتابيا، ويخبر رئيس الفريق الذي ينتمي إليه المستشار. وفي حالة تمادي المستشار في التغيب، فإن اسمه يتلى عند افتتاح الجلسة الموالية، ويصدر رئيس مجلس المستشارين الأمر للقيام بالاقتطاع من مبلغ التعويضات المرصودة له، حسب عدد الأيام التي وقع خلالها التغيب بدون عذر، وفق ما ينص عليه الفصل 185 من القانون الداخلي. كل هذه الترسانة القانونية غير مطبقة، ولم يحصل يوم أن وجه رئيس مجلس المستشارين رسالة إلى مستشار بشأن تغيباته المتكررة أو طلب الاقتطاع من تعويضاته. الآن هناك رغبة لدى رئاسة مجلس المستشارين من أجل الحد من هذه الظاهرة، وتم الاتفاق مؤخرا داخل مكتب مجلس المستشارين على تفعيل القانون الداخلي تجاه المستشارين المتغيبين. غير أن عدة فرق برلمانية قامت بمحاولة ثني رئاسة المجلس عن اتخاذ مثل هذه القرارات. غير أن مصادر مجلس المستشارين تعتقد أنه لكي يكون الرأي العام صورة إيجابية عن الغرفة الثانية، فإن ذلك لن يمر إلا عبر تطبيق القانون في حق المستشارين المتغيبين. ومن بين الأمور التي يفكر المجلس في اعتمادها من أجل الحد من ظاهرة الغياب، استعمال التصويت الإلكتروني الموجود حاليا في أماكن جلوس البرلمانيين، ولا ينتظر سوى تفعيله. الموظفون الأشباح لم يجعل رئيس مجلس المستشارين من محاربة ظاهرة غياب المستشارين عن جلسات المجلس هدفا له فقط، بل اتخذ أيضا من محاربة ظاهرة الموظفين الأشباح شعارا مركزيا لرئاسته للمجلس. ولضبط حضور الموظفين إلى المجلس، سيعمد هذا الأخير إلى وضع نظام تسجيل الحضور إلكترونيا (système de pointage). كما أن الموظفين أصبحوا ملزمين بحمل شارات أثناء قيامهم بمهامهم. في السابق كانت هناك 30 حالة موظف شبح، أما حاليا فلم يعد هناك إلا خمسة موظفين. وقد عمل المجلس على بعث مراسلات إليهم، وفي حالة عدم الرد على تلك المراسلات، سيتخذ المجلس قرارات بشأنهم.
جميلة ريغي أول محافظة للمجلس في شهر دجنبر 2009، تم تعيين جميلة ريغي أول محافظة لمجلس المستشارين. وجاء هذا التعيين تتويجا لمسار طويل داخل قبة البرلمان الذي ولجته لأول مرة عام 1985. الكل رأى في هذا التعيين إشارة قوية على تكريس مقاربة النوع داخل مجلس المستشارين، و منح النساء مناصب قيادية داخل قبة البرلمان كما هو الحال أيضا بالنسبة لتعيين ناهد بناني رئيسة مصلحة العلاقات الثنائية بنفس المجلس. ولجميلة ريغي مسار طويل داخل البرلمان امتد لفترة زمنية تقارب 25 سنة، تحملت خلالها مسؤوليات إدارية بقسم العلاقات الخارجية، وراكمت تجربة طويلة أيضا من خلال مشاركتها في العديد من المنتديات الدولية، خاصة أثناء دورات الاتحاد البرلماني الدولي والاتحاد البرلماني العربي ومجلس الشورى المغاربي. تتكلف محافظة المجلس بكل ما يتعلق بالبروتوكول خلال زيارة وفد لقبة البرلمان، إذ تعمل على تنظيم كل الأمور المتعلقة بالاستقبال. وقالت جملية ريغي إن المجلس يفكر حاليا في إحداث متحف داخل المجلس، فهناك مساحات داخل قبة الغرفة الثانية بإمكانها أن تحتضن مثل هذا المشروع. كما يتم التفكير في وضع لوحات لرؤساء الغرفة الثانية منذ سنة 1963، هم محمد جلال السعيد والمرحوم مصطفى عكاشة والمعطي بنقدور ومحمد الشيخ بيد الله. يمكن لمجلس المستشارين أن يقدم هدايا للبرلمانات الصديقة أو لضيوفه. ويتعلق الأمر بزرابي أو مبخرات من الفضة، أو كتب حول المغرب، و أحيانا يقدم المجلس سجادات وغيرها من الهدايا التي ترمز للأصالة المغربية. وفي الغالب يتم التفكير في هدايا ذات قيمة رمزية، ولكن تكون خفيفة حتى يسهل حملها من قبل الضيف. وبالمقابل يتلقى مجلس المستشارين هدايا من شخصيات أو برلمانات صديقة. في السابق كانت الهدايا تضيع ولكن حين ترأس محمد الشيخ بيد الله المجلس، يتم التفكير حاليا في إقامة متحف داخل مجلس المستشارين خاص بالهدايا التي تقدم للمجلس.