اتفقت جميع الفرق النيابية من الأغلبية والمعارضة، طيلة سنوات، على فشل الدبلوماسية الموازية في القيام بواجبها، خاصة البرلمانية منها، لاستكمال عمل ما تقوم به الدبلوماسية الرسمية. وإذا كان أغلبها يبرر الفشل بكون الحكومة وبالضبط وزارة الخارجية شحيحة في مدهم بالمعلومات والمعطيات الأساسية حول ملف الوحدة الترابية، بينه ملف الصحراء، فإن واقع الأمر يؤكد أن مكتب مجلسي البرلمان لم يضع معايير لانتقاء من له الأهلية للسفر إلى خارج المغرب، كما لم يضع شروطا لمن سيستقبل الوفود الأجنبية، ويتحدث إليها. وكان كلما سافر وفد برلماني إلى دولة أجنبية، تطرح أسئلة من قبيل لماذا سافر البرلماني الفلاني وليس الآخر. ولماذا احتج البعض على رئاسة مجلسي البرلمان، بدعوى الإقصاء من السفر؟ ولماذا عجز الوفد المسافر عن تقديم تقرير لرئاسة مجلسي البرلمان، ولجنة الخارجية؟ لذلك كله وصف المراقبون سفريات الوفود البرلمانية المغربية إلى الخارج، بالدبلوماسية السياحية، لكون أغلب الذين ذهبوا يوما ما إلى دولة أجنبية كان غرضهم الأساسي هو الالتقاء بأبنائهم الذين يدرسون هناك أو التبضع في الأسواق أو عقد صفقات تجارية ما. وباستثناء مذكرة رفعها فريق حزب العدالة والتنمية إلى مكتب مجلس النواب سنة 2005 ، حول كيفية تفعيل الدبلوماسية البرلمانية من خلال معايير موضوعية، لم يقم أي فريق بتطعيم تلك المذكرة أو وضع مذكرة مضادة. وجاء ضمن المقترحات التي وضعها فريق حزب العدالة والتنمية، على مكتب مجلس النواب إتقان البرلماني للغة البلد الذي سيستضيف الوفد المغربي، إضافة إلى معرفته الدقيقة بثقافة وحضارة وتقاليد ذلك البلد، حتى يتمكن على مستوى التواصل من إقناع برلمانيي الدولة المضيفة، خاصة المشكلين للأغلبية الحكومية، بتغيير موقفهم إزاء الوحدة الترابية في الشمال، سبتة ومليلية وباقي الجزر، وكذا في جنوب المغرب المرتبط بالصحراء، ودحض أطروحة الانفصال بالأدلة القاطعة. واقترح نفس الفريق النيابي على مكتب مجلس النواب، الاستماع إلى تقرير يرفعه رئيس الوفد حتى تتم محاسبة الأعضاء الذين سافروا، والوقوف على مكامن الضعف، واعتماد مبدأ الكفاءة العلمية والنزاهة الفكرية وكذا الرزانة في السلوك لانتقاء أعضاء الوفد المسافر. ولتجاوز نكسات الدبلوماسية البرلمانية، عقد مصطفى المنصوري، رئيس مجلس النواب، ومحمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، أخيرا، لقاء مشتركا تطرقا من خلاله إلى أهمية التعاون في مجال تفعيل الدبلوماسية البرلمانية، حتى تكون ذات مردودية وتتجاوز التهم التي تكال لها من قبل وسائل الإعلام، حيث تنعت إجمالا بسفريات سياحية أكثر منها دبلوماسية برلمانية. وعلى ضوء هذا الاجتماع الحاسم، الذي ينتظر أن يُنزّل على أرض الواقع مقترحات عملية تتجاوز المتمنيات ومذكرة فريق حزب العدالة والتنمية، ستفيد الرئيسين معا، فإن فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين أبدى 17 ملاحظة حول الدبلوماسية بصفة عامة، ضمنها انتقادات وجهت للدبلوماسية الرسمية وأخرى بررت غياب الديبلوماسية البرلمانية بغياب مواكبة الوزارة لصنع خطاب موحد حول القضية الوطنية. وفي هذا الصدد، نفى الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية، أن تكون وزارته أقفلت الباب في وجه أي برلماني لتحصيل معطيات، وقال بهذا الخصوص لأعضاء لجنة الخارجية بمجلس المستشارين «عليكم ألا تنتظروا إشارات ما للذهاب في هذا الاتجاه أو ذاك، مؤكدا أن أي برلماني أو رجل مال وأعمال، أو ممثل الغرف أو ممثل المأجورين، أو ناشط جمعوي أو حقوقي، أراد معطيات فسيحصل عليها، إذا طلبها». وأكد الفاسي الفهري أنه لا يجب أن يكون «لدينا خطاب موحد في الدفاع عن قضايانا المصيرية لإقناع الغير بعدالتها، ولكن يجب أن يكون لدينا هدف واحد، فلكل واحد طريقته وخطابه في الدفاع عن المصلحة العليا». واقترح الفاسي على البرلمانيين إحداث هيئة تنسيقية لتفعيل الدبلوماسية البرلمانية، وتجاوز تعثرات الماضي، خاصة وأن هناك إجماعا وطنيا يزيد من شوكة حماس المغاربة في الدفاع عن المصلحة العليا للوطن، لأنها قضية عادلة، خلافا للآخرين الذين يصرفون أموالا طائلة على قضايا مفتعلة.