رفعت قافلة الحقيقة نحو الناظور من سقف انتقاداتها للنظام المغربي، كما أن الأصوات التي ارتفعت في الآونة الأخيرة مطالبة باستقلال الريف أبت إلا أن تبعث برسائل عديدة إلى من يهمه الأمر وتثبت وجودها من خلال ترديد العديد من المتظاهرين، الذين شاركوا أول أمس السبت في وقفة احتجاجية أمام ثكنة الوقاية المدنية تاويمة بالناظور التي سبق لسلطاتها المحلية بالمدينة أن أعلنت عن اكتشاف قبر جماعي يعود إلى ضحايا أحداث انتفاضة الريف سنة 1984، لشعارات تطالب بمحاكمة ومساءلة المتورطين في القبور الجماعية التي يتم اكتشافها بين الفينة والأخرى. أسر وأقارب ضحايا أحداث الريف بدورهم شاركوا في هذه التظاهرة التي، رغم حمولة الشعارات القوية التي تم رفعها، لم تعرف تدخلا أمنيا ولم يتردد مشهد أحداث القصر الكبيرعندما اقتيد متظاهرون بتهمة المس بالمقدسات على خلفية ترديدهم لشعارات أخف حدة من الشعارات التي تم ترديدها في الوقفة الاحتجاجية الأخيرة. محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، صرح أمام حشود المتظاهرين بأنه ليست لهم أية رغبة في الارتهان للماضي القديم وأنه تتملكهم رغبة شديدة للتحرر من هذا الماضي الأليم. مشيرا في السياق ذاته إلى أن التوصيف الدقيق لما يحدث الآن بالمغرب استنادا إلى المواثيق الدولية هو أن القبور الجماعية دلالة على أن هناك جرائم جسيمة ارتكبت ضد الإنسانية، مضيفا أن التحرك الذي قام به المنتدى عقب الكشف عن القبور الجماعية لضحايا أحداث يونيو 1981 بالدار البيضاء بالقرب من ثكنة الوقاية المدنية بمحاذاة مقبرة الشهداء بالدار البيضاء هو الذي حدا بالمسؤولين إلى التحرك للكشف عن مصير العديد من القبور الجماعية. إلى ذلك، كشف عدد من المتدخلين في الندوة التي نظمت على هامش هذه القافلة الحقوقية عن وجود العديد من القبور الجماعية الأخرى التي يرفض ذوو القرار التحرك للبحث عنها. وأكد جمال الرويسي، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى، أن هناك شهادات متواترة تشير إلى وجود قبر جماعي يعود إلى ضحايا أحداث 1965 بكريان ليهودي ببوسكورة بالدار البيضاء، مبرزا في السياق ذاته أن الفريق الطبي الأرجنتيني، الذي أشرف على الكشف عن عدد من القبور الجماعية بعدد من دول العالم التي عرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، عبر عن استعداده للمشاركة في الكشف عن هذه المقبرة، إلا أن وزارة الداخلية رفضت الترخيص له بدعوى أن الجهة الموكول إليها القيام بهذه المهمة يجب أن تكون جهة رسمية. محمد محمودي، أحد أقارب الضحية محمد المسعودي، من مواليد 1964، الذي لقي حتفه في تلك الأحداث، قال إن ابن عمه أصيب برصاصة بينما كان في طريقه إلى المدرسة، حيث وجد في طريقه تجمعا حاشدا بالقرب من سوق أسبوعي يسمى ازغنغان يبعد عن الناظور ب7 كلومترات، مشيرا، في مقابلة خاصة مع «المساء»، إلى أن لعلعة الرصاص، الذي لم يكن يميز بين أحد، أردت قريبه أرضا لينقل، بعد ساعات من النزيف إلى المستشفى الإقليمي بالمدينة، لكن عندما ذهبت عائلته في اليوم الموالي للاطمئنان عليه لم تجد من أثر له سوى «جاكيط» خضراء كانت بها «الزريعة» ودرهم واحد. العائلة لم تصدق أنه هلك في الحادث، ومكثت مدة تنتظر أخبار عودته، خاصة بعد أن أخبرهم بعض أصدقائه بأنه نقل إلى المستشفى وهو يئن من شدة الجرح.