«كان ولي العهد محمد السادس يبدو سعيدا في إقامته ببروكسيل بعيدا عن القصر وعن غضبات الملك»، هكذا كتب الصحفي والكاتب إغناس دال في كتابه «الملوك الثلاثة»عن الأربع سنوات التي قضاها الملك محمد السادس بدولة بلجيكا، حين كان يقوم بتدريب في اللجنة الأوروبية تحت إشراف جاك ديلور في إطار إعداده لرسالة الدكتوراه حول علاقة المغرب باللجنة الأوربية، والتصريح الأول استقاه الكاتب من الوكيل العقاري الذي اكترى الإقامة لولي العهد آنذاك، ويضيف: «لقد ابتعد الأمير عن والده وعن القصور». ومن خلال الأحداث التي سردها الكاتب يبدو، وللوهلة الأولى، وكأن الملك محمد السادس لم تكن تستهويه كثيرا حياة القصور الملكية، وهو ما أكده سنوات قليلة بعد اعتلائه عرش أسلافه، في حوار له مع صحيفة «باري ماتش» حين قال، ما مضمونه، إنه لا يحب الحياة داخل القصور، ولا يريد لابنه وولي عهده مولاي الحسن أن يعيش معتقلا داخل أسوارها العتيقة، لذلك فهو يفضل العيش داخل إقامات ملكية. فما الذي يميز هذه الإقامات عن القصور عدا الأسوار العتيقة التي تحصنها والزخرفة المعمارية التي تلف الجدران والسواري والنقوش التي تحفر خشب البوابات الكبيرة، والخدم والحشم الذين تعج بهم أروقة القصور؟ وهل يحتاج الملك إلى أكثر من 15 قصرا ملكيا رسميا، وأكثر من ذلك بكثير من الإقامات الرسمية ليستحق حمل لقب ملك؟ في المقابل يؤكد العارفون بدهاليز البلاط أن «القصور الملكية هي صانعة هيبة الملك»، بطريقة أو بأخرى، وربما هذا الأمر هو ما «كان يجعل الحسن الثاني يعمل على تشييد قصور جديدة وبنايات ضخمة»، وهو ما يؤكده المهندس المعماري المغربي جمال الشيشاوي، بطريقة غبر مباشرة، حين يقول: «إن القصور الملكية لم تكن تشيد بطريقة عبثية، ولكنها تشيد على أساس منطق يمنحها مكانة كبيرة ونوعا من القوة، ذات طابع معنوي واجتماعي وسياسي». أما الجديد في حياة القصور الملكية فهو أنها صارت تعود بقوة إلى الساحة لترسخ وجودها كرمز لهيبة الملك و»كمنتج يومي لهيبة المخزن»، كما يصفها الباحث السوسيولوجي نور الدين الزاهي، ويضيف العارفون: «أن قضية سرقات القصور تطلبت العودة إلى النظام القديم في تدبيرها لأنه لا يمكن أن يستمر نشر غسيل ما يحدث داخلها أمام القضاء»، حتى إن أحد المطلعين الذين عايشوا الحياة داخل القصر لا يتردد في القول إن «الحفاظ على الهدوء الداخلي بالبنايات الملكية لا يمكن تحقيقه إلا بمنطق الحسن الثاني». التفاصيل في الملف الأسبوعي.