قال مسؤول بارز في مخابرات حلف الأطلسي، أول أمس الأحد، إن القوات الأجنبية ليس أمامها سوى عام فحسب لتحويل مجرى الحرب في أفغانستان، وأن حركة طالبان لديها حكومة ظل يمكن أن تحكم البلاد في حالة إخفاق الغرب.ووسعت حركة طالبان الأفغانية من نفوذها في أنحاء البلاد، وتشن الآن " تمردا شاملا" ولها "حكامها" في كل الأقاليم باستثناء إقليم واحد. وكانت قوات المساعدة الدولية "إيساف" التابعة لحلف شمال الأطلسي أعلنت، أول أمس الأحد، أن جندياً أميركياً قتل في جنوبأفغانستان بانفجار عبوة ناسفة، غير أن "إيساف" لم تكشف عن أي تفاصيل أخرى حول مقتل الجندي. وفي الأثناء، قتل عدد من المسلحين، بينهم أحد قادة طالبان، في عملية دهم قامت بها القوات الدولية الأحد على مقاطعة جيلداك الجبلية، وفقاً لما أعلنته القوات الدولية. وقالت القوات الدولية إن العملية جاءت رداً على هجوم شنه المسلحون، مشيرة إلى أن القائد الطالباني القتيل هو المسؤول عن زرع عبوات ناسفة استهدفت القوات الدولية إلى جانب عمليات أخرى. واستولت القوات الدولية خلال العملية على أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية وقنابل يدوية وغيرها من الأسلحة والذخائر. وكان الجيش الأميركي في أفغانستان أعلن، السبت الماضي، عن مقتل أحد جنوده، دون تقديم المزيد من المعلومات حول ظروف مصرعه، بعد ساعات من إعلان مقتل جندي آخر الجمعة الماضي، ما يرفع تقديرات خسائر الجيش الأميركي منذ بداية العمليات العسكرية في أفغانستان عام 2001 إلى 848 قتيلاً، وفق إحصائية لCNN. وتأتي هذه التطورات بعد أحداث أمنية شهدتها أفغانستان الجمعة، حيث لقي ثمانية أشخاص على الأقل مصرعهم، وجرح ثلاثة آخرون، في انفجار قنبلة في قندهار، بأفغانستان، وفقا لما أعلنه مسؤول حكومي أمني في الولاية. من جهة أخرى، كشف قادة عسكريون أميركيون عن زيادة في اللجوء إلى وحدات سرية في الجيش، كالتي استخدمت لإلقاء القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، من أجل تنفيذ عمليات خاصة في مهام "مكافحة الإرهاب" ضد بعض أكثر المجموعات المسلحة فتكاً في أفغانستان. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن القوات الخاصة في قوة "دلتا" في الجيش الأميركي ،ووحدات خاصة في البحرية الأميركية حققت نجاحاً في إضعاف شبكة سراج الدين الحقاني التي تعتبر الأقوى بين محاربي طالبان في شرق أفغانستان. و رغم أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكبار مساعديه لم يناقشوا علناً هذه المهام العالية السرية كجزء من الإستراتجية الأميركية الجديدة في أفغانستانوباكستان، إلا أنه يتوقع أن تزداد هذه العمليات مع نشر 30 ألف جندي إضافي في البلاد. ويعتمد القادة الأميركيون في أفغانستان على الوحدات الخاصة للقيام ببعض أكثر العمليات تعقيداً ضد قادة المسلحين، ولا يجري الاعتراف بهذه المهام علناً. وهذه الوحدات هي نفسها التي تطارد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والتي ألقت القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والتي قادت عمليات البحث التي أدت الى مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي. وقال قادة عسكريون في أفغانستان إن العمليات التي تقوم بها الوحدات الخاصة تلعب دوراً مهماً في إلحاق الأذى ببعض أقوى الجماعات المسلحة، وشراء الوقت قبل وصول المزيد من القوات الأميركية وتدريب القوات الأفغانية المحلية. وألمحت دول أخرى كبرى بالناتو من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا إلى نيتها في سحب قواتها وأنها ستعقد مؤتمرا مشتركا الشهر المقبل في لندن لتحديد خطوات واضحة بشأن انخراطها العسكري في المستقبل. هذه الدعوات إلى الانسحاب تأتي في وقت تتعرض فيه أفغانستان لحالة من الشلل بسبب تراجع الأمن وتصاعد الفساد واعتماد اقتصادها على تجارة المخدرات إضافة إلى المسلحين الذين ينعمون بملاذات آمنة عبر الحدود مع باكستان. غير أن الزعماء الغربيين يقولون إن الهدف من الجدول الزمني للانسحاب هو الضغط على إدارة الرئيس حامد كرزاي لكي تضطلع بقدر أكبر من المسؤولية على صعيد الحكم والأمن لكن المراقبين يعتقدون أن القرار يتعلق بدرجة أكبر بحالة الإحباط التي تسود دول الناتو في ظل تزايد حجم الخسائر البشرية ووصولها إلى مأزق واضح مع حركة طالبان الإسلامية المتطرفة التي كانت تتولى الحكم قبل غزو البلاد. ذلك أن عام 2009 يعد العام الأكثر دموية بالنسبة للناتو منذ 2001 حيث لقي قرابة 490 جنديا مصرعهم من بينهم 300 أميركي و100 بريطاني. وأكثر من ثلث الخسائر البشرية الأميركية والبريطانية في الحرب وقعت هذا العام. وتظهر استطلاعات الرأي أن حوالي نصف المواطنين الأميركيين وحوالي ثلثي الألمان والبريطانيين يعارضون الحرب في أفغانستان. كما أن تأييد الحرب آخذ في التراجع أيضا في دول أخرى بالناتو حيث حددت الحكومتان الهولندية والكندية عامي 2010 و 2011 على التوالي لانسحاب قوتيهما. في المقابل يبدو أن طالبان صارت أكثر قوة عن ذي قبل في ظل تصاعد الهجمات التي شنها مسلحوها في عام 2009 مقارنة بأي عام آخر منذ الإطاحة بحركتهم. صحيح أن إنتاج الافيون بالبلاد واصل تراجعه خلال العامين الماضيين لكن أفغانستان لا تزال تنتج أكثر من 90 في المائة من الأفيون في العالم ويعتقد أن الأموال التي تدرها تجارة المخدرات تستخدم في تمويل حركة التمرد.