قال عبد الكريم الزرقطوني، الكاتب العام لمؤسسة محمد الزرقطوني للدراسات والأبحاث، إن مبادرة تكريم الراحل، علي بوعيدة، الذي يمثل أحد رواد المقاومة، ومسيرة جيش التحرير في الصحراء..صورة للراحل بوعيدة بريشة الفنان مرغاطا (خاص) تأتي أياما قليلة، بعد الخطاب الملكي السامي، الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء، إلى إعطاء أبعاد متجددة للمسيرة الخضراء المظفرة، وإلى التعبئة الشاملة، من جانب كل القوى الحية في البلاد، وضمنها الفعاليات الجمعوية، في دعم المشروع الملكي، الهادف إلى تحقيق حكم ذاتي متطور، وديمقراطي، للأقاليم الجنوبية. وقال الزرقطوني في تصريح ل "المغربية"، إن الراحل بوعيدة، يستحق أكثر من تكريم، إذ أن مسيرته الجهادية، وحبه الشديد للوطن، ووحدته الترابية، ودوره في استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى أرض الوطن، دوافع، حفزت مؤسسة الزرقطوني على اتخاذ المبادرة. وأضاف أن المؤسسة حريصة على السير في النهج الذي رسمته، ويتمثل في إقامة مهرجانات وطنية، في المناسبات الوطنية، لصيانة الذاكرة الوطنية، وتلقين الأجيال الصاعدة الدروس المستخلصة من تاريخ الكفاح الوطني، من أجل الاستقلال، والحرية، والوحدة الترابية للمملكة. وكانت مؤسسة الزرقطوني، خصصت فعاليات احتفالاتها بذكرى عيد الاستقلال، هذه السنة، بالانتقال إلى مدينة كلميم، باب الصحراء، لاستحضار حياة بوعيدة، أحد الأبناء البررة، الذين قدموا أروع الدروس في مجال النضال الوطني التحرري والوحدوي في الصحراء المغربية، سواء، خلال مرحلة الاستعمار، أو مرحلة ما بعد حصول البلاد على الاستقلال. وتميزت التظاهرة بكلمات مؤثرة، أشادت بمناقب بوعيدة، وبالدور الكبير الذي قام به في سبيل الوحدة الوطنية. وفي هذا الإطار، أبرز عبد الكريم الزرقطوني، الكاتب العام للمؤسسة، دلالات الاحتفاء بمسيرة المجاهد علي بوعيدة، في قلب الصحراء المغربية، وربط ذلك بالمخاضات التي أدت إليها التطورات الراهنة، مع نجاح المقترح المغربي، بتبني نظام للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، في استقطاب الرأي العام الدولي، وتوجيهه لترسيخ السيادة المغربية، وتدعيم المطالب المغربية في المحافل الدولية. وشهدت القاعة عرض شريطين توثيقيين، من إنجاز الفنان محمد مرغاطا، وإنتاج مؤسسة الزرقطوني، وحمل الشريط الأول عنوان "الاستقلال المجيد"، والثاني عنوان "المجاهد علي بوعيدة". وفي آخر فقرات اللقاء، قدمت المؤسسة تذكارا تاريخيا لولاية كلميمالسمارة، وآخر لأسرة الفقيد بوعيدة، ممثلة في نجله الأستاذ عمر بوعيدة، سعيا منها إلى تحيين عظمة دروس معارك الاستقلال والوحدة، وتحويلها إلى زاد يومي في تعبئة أجيال اليوم لاستكمال مسارات البناء الوطني. وذكر بلاغ لمؤسسة الزرقطوني، توصلت "المغربية" بنسخة منه، يمثل المجاهد علي بوعيدة علامة قوية على خصوبة العطاء الوطني لسكان الصحراء، وعلى نبل الارتباط المتين بين أجزاء الدولة الواحدة، التي شتتها الاستعمار، وخلق منها قطعا متنافرة. وقال البلاغ، إن بوعيدة كان مثالا للتضحية وللإخلاص، جعل من نفسه ذراعا ضاربة ضد دسائس الاستعمار، وجعل من بيته فضاء لاحتضان ثوار المغرب الأحرار، من أعضاء المقاومة وجيش التحرير، ليس فقط في الجنوب المغربي، لكن في كل أرجاء البلاد، وجعل من علمه، ومعارفه، رافعة محورية لمحاربة استعمار الجهل، وظلام الأمية. وأضاف البلاغ أن سيرة بوعيدة، الرجل الوطني أبي، تشبعت بينابيع العلم والمعرفة منذ صباه، في وسطه العائلي، الذي كان مشتلا للمعرفة وللعلم، ما أهله كي يصبح فقيها متميزا، وعالما جليلا، يظل أحد أبرز من أنجبتهم منطقة الصحراء، في المجال الثقافي والعلمي، خلال النصف الثاني من القرن 20، فهو ابن عائلة عريقة في العلم وفي المعرفة، أنجبت علماء كبارا، من أمثال والده المرحوم العلامة الفقيه علي بوعيدة بن مسعود، وشقيقه المرحوم يحظيه ولد بوعيدة. وبعد الاستقلال، استمر بوعيدة في نضاله التحرري والوحدوي، عبر مبادرات غير مسبوقة، يحفظها له تاريخنا الوطني، إذ اضطلع بمسؤوليات جسيمة في تاريخ المغرب المعاصر، نذكر منها تعيينه من طرف المغفور له محمد الخامس مستشارا له سنة 1957، بالمجلس الأعلى الاستشاري آنذاك. وفي سنة 1958، عينه الملك الحسن الثاني، عاملا على إقليم طرفاية، ثم عينه سنة 1987 قنصلا عاما للمملكة المغربية بمدينة نواذيبو الموريتانية. وخلص البلاغ إلى أن "ما يمكن أن نستلهم به الذكرى الطيبة للفقيد، هو المطالبة بترجمة مشروع إحداث "مركز المقاوم علي بوعيدة للتوثيق والدراسات التاريخية والإعلامية" على أرض الواقع، وهو المشروع الذي أطلقته فعاليات المنطقة ووطنيوها المخلصون، كامتنان لذكرى رجل جاهد فأخلص.