تم الأسبوع الماضي بمدينة إفران, تكريم الشهيد المغربي محمد الزرقطوني, أحد الوجوه البارزة إبان المقاومة ضد المستعمر, وذلك بتقديم الترجمة الإنجليزية لمؤلف بيوغرافي يتعرض لمساره الاستثنائي. وقد عُنونت الترجمة الانجليزية للكتاب الأصلي الذي وضعه باللغة العربية كل من الصحافي لحسن العسيبي وعبد الكريم الزرقطوني, بكر الشهيد, ب ""محمد الزرقطوني, سيرة حياة شهيد مغربي, حكاية بطل"". وترجم الكتاب تحت إشراف جامعة مونطانا بوزنان بالولايات المتحدةالأمريكية, وتم تقديمه خلال حفل نظم بجامعة الأخوين, بمناسبة الذكرى55 لليوم الوطني للمقاومة, الذي يصادف تاريخ استشهاد محمد الزرقطوني يوم18 يونيو1954 . ويعيد الكتاب, الذي يقع في220 صفحة, بناء مرحلة مظلمة من تاريخ المغرب, حيث يسرد عبر شهادات قدماء رفاق السلاح أمثال أحمد جمالي ومحمد بنعبد القادر الشتوكي ومحمد خليل بوخريص والحسين لمزابي...الخ, التضحيات التي قام بها المرحوم محمد الزرقطوني إلى جانب مقاومين آخرين من أجل تحرير المغرب من براثن الحماية. وفضلا عن الأهمية البيوغرافية ل""حكاية بطل"", فإنه يلخص تاريخ المغرب من خلال أعين شخصيات سياسية مغاربية, منها الرئيسان الجزائري والتونسي, وكذا أفراد من عائلة الزرقطوني. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, قال لحسن لعسيبي إن ""حكاية بطل"" تقدم إشعاعا دوليا لتاريخ المغرب, على اعتبار أن اللغة الانجليزية لغة عالمية. وأشار إلى أن مشاركة جامعة أمريكية في هذه الترجمة, يعكس ""الاهتمام الثقافي والتاريخي والسياسي"" بهذه الشخصية التي ضحت بالغالي والرخيص من أجل القضية الوطنية. وبالنسبة لعبد الكريم الزرقطوني, المساهم في تأليف هذا الكتاب في صيغته العربية الصادرة سنة2001 و2005 , والكاتب العام لمؤسسة محمد الزرقطوني من أجل الثقافة والبحث, فإن هذا الكتاب يهدف إلى ""ترويج قيم جيل بأكمله, أعطى حياته من أجل استقلال المغرب"". واعتبر في تصريح لنفس الوكالة, أن ""حكاية بطل"" يعد في حد ذاته وثيقة نفيسة, لأنها تقدم خدمة كبيرة للتراث الشفوي للمقاومة المغربية, مشيرا إلى أن المؤسسة تهيء حاليا كتابا حول حياة الشهيد حمان الفطواكي. ومن جهته, أكد محمد الزرقطوني, حفيد الشهيد الذي شارك بشكل كبير في هذا الكتاب, أن فكرة الترجمة أتت من الحاجة إلى إيلاء بعد دولي لتاريخ المغرب, ولمعركة محمد الزرقطوني وجميع المقاومين. وقال إن ""هذه الترجمة هي حصيلة ثماني سنوات من المجهود"". وفي تقديم ألقاه مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير, بمناسبة تقديم هذا الكتاب, قال إن هذا العمل يعتبر ""مبادرة ممتازة من أجل خلق تآلف بين المتحدثين باللغة الانجليزية وبين مراحل أسطورية من تاريخ المغرب"". ويرى المؤلفان أن محمد الزرقطوني ""رجل استثنائي (...) استحال إلى أيقونة شرف في الذاكرة الجمعية للمغاربة لمواقفه وشخصيته وشجاعته والطريقة التي أسلم بها الروح كشهيد عن عمر لا يتجاوز27 سنة"". وجاء في تقديم الكتاب أنه ""من أجل الحفاظ على هذه الذاكرة المغربية وإشعاعها التاريخي, كان ضروريا إنجاز هذا العمل الوثائقي الذي يضم العديد من الشهادات حول هذا المقاوم الوطني, قبل فوات الأوان"". وقد كان المرحوم الزرقطوني, الذي يعود له الفضل في تأسيس أولى الخلايا السرية للمقاومة في مدينة الدارالبيضاء في الخمسينيات, مهندسا للعديد من العمليات التي ألحقت أضرارا بليغة بنظام الحماية آنذاك. وخلال اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال يوم18 يونيو1954 , فضل هذا الشاب, في حركة تظهر بجلاء منتهى التضحية, أن يموت على أن يكون مضطرا لإفشاء أسرار حركة المقاومة والإبلاغ عن رفاقه تحت التعذيب. وقد بوأته, هذه البطولة, مرتبة عالية بين الشهداء الذين قدموا أجسادهم وأرواحهم في سبيل استقلال المغرب.