لم يعد التعليم الخاص يفي بالأهداف والمرامي التي جاء من أجلها. هذا ما ذهب إليه عدد من آباء تلاميذ فضلوا إدخال أبنائهم مدارس خصوصية، معتبرين في حديثهم ل"المغربية" أن مستوى تلقي التلميذ في هذه المؤسسات "أضحى باهتا وغير ذي فعالية".وشرح الآباء طرحهم هذا، بحكم مقاربتهم "تنبني على مقارنة للحمولة المعرفية والمعلوماتية لدى أبنائهم، الذين منهم من درس في المدارس الخصوصية إبان تأسيسها، وأولئك يدرسون حاليا"، مؤكدين أن البيداغوجيا المتبعة في هذه المدارس حاليا، "لاتعتمد على أسس علمية حديثةن وظلت سجينة آليات قديمة". الشيء نفسه أكده عبدالله، مربين بقوله "إن الاهتمام المنصب لدى معظم هذه المؤسسات هو كيفية خلق أنشطة للحصول على مساهمات وتعويضات إضافية"، مبرزا أن أسرة التلميذ المنتمي لهذه المدارس "تضطر وتتكلف لتوفير بعض المطالب الماديةن من قبيل تغطية مصاريف رحلة إلى مكان ما، أو المساهمة في شراء أغراض، أو إعطاء المال لأخذ ساعات خصوصية إضافية داخل فضاء مدرسة خصوصية ". هذا ما وصفه محدثنا ب"الابتزاز الممارس من طرف بعض هذه المؤسسات الخاصة"، التي فقدتن حسب قوله "الكثير من مقوماتها، بسبب انسحاب الأطر التعليمية الكفأة لفائدة مدرسين يحملون لقب مدرس فقط، لا يمتلكون ناصية التدريس على أسس تربوية ذات مدلول"، والفرق يقول عبد الله، هو أن هؤلاء المربين "يعملون بأجور هزيلة، ولا يشترطون توفير آليات الاشتغال". أرجع مصدر مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، هذا المنحى السلبي، إلى طغيان عقلية "مول الشكارة" وسيطرة العديد منهم على دواليب هذه الفضاءات التعليميةن على حساب آخرينن كانوا في الماضي يتملكهم هم التدريس والتعليم الناجع، المنفتح على أساليب تعليمية متطورة"، وزاد من استفحال طينة هؤلاء السماسرة، يقول مصدرنا "تراجع مستوى المدرسة العمومية في أدائها التربوي، ما اضطر العديد من الآباء إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخصوصية، التي يظنونها قادرة على إغناء مدارك أبنائهم، وتأسيس معارفهم على أسس صحيحة". وإذا كان هذا الاتجاه حاضرا بقوة في مدارس خصوصية بعينيها، فإن أخرى يضيف المصدر ذاته، "غيرت جلدها وأضحت وبالا على جيوب المواطنين". ومن أجل أن تعود هذه المؤسسات إلى سابق عهدها وتتماشى مع ما يأمله البرنامج الاستعجالي منها، كشريك أساسي ومكمل للجهود المبذولة لإصلاح المدرسة العمومية، يشدد العديد من المهتمين بالشأن التعليمي ممن استقت "المغربية" آراءهم، على ضرورة أن "تفعل الجهات الوصية على الشأن التعليمي، عملية المراقبة المستمرة للمناهج المتبعة، وإخضاع المستويات الدراسيةن كل على حدةن لاختبارات موحدة ورسميةن حتى لا يسير التلميذ ضد تيار البناء البيداغوجي القويم". وفسرت ذلك مصادرنا التعليمية بأن هناك مؤسسات خصوصية تعتمد في مناهجها مقررات غير رسمية، ما يجعل التلميذن بعد سنوات من التعليم المؤدى عنه، غير قادر على الاندماج في المنهجية التعليمية الرسمية". من جهة أخرىن أكد أحد من فاتحناهم من أسرة التفتيش، أن "عينة من المدارس الخصوصية تشغل في غالب الأحيان حاملين لشهادتي الباكلوريا و الإجازة، بأجرة هزيلة، لا تصل في بعض الحالات إلى الحد الأدنى للأجور، للقيام بعملية التدريس دون تكوين، ما يجعل أداءهم التربوي تكتنفه الكثير من الاختلالات التي تسيء إلى تكوين وسلوك التلميذ". ما يهم بعض المؤسسات، يقول محدثنا "هو تخفيض التكاليف على حساب الجودة التي ينشدها الآباء"، وأكد الإطار التربوي أن المؤسسات التعليمية الخصوصية "تشهد سنويا ترحالا وتغييرات من وإلىن بسبب عدم اقتناع الآباء بمستوى أبنائهم"، معتبرا أن هذا التوجه "سلكته أيضا العديد من مراكز التكوين الخاصة، التي ينحصر دورها فقط في منح الديبلومات وخلق طفرة للشهادات المفتقرة لأسس علمية وديداكتيكية"، مبرزا أنه يجب على الجهة الوصية "إعادة النظر في العديد من هذه الفضاءات، التي تغتصب طموح الآباء وتمارس عليهم نصبا واحتيالا بدم بارد"، مضيفا أنه من شأن هذا الوقوف الجدي عند هذه الخطوط بالجزر، واتخاذ الإجراءات الصارمة، أن "تقلل من استعمال هذه النوعية من المؤسسات والمراكز، التي لا تنتج سوى الأوهام". إن البرنامج الاستعجالي يمتلك في بنوده تصورا واضحا لتنقية المشهد التربوي والتعليمي من هذه النتوءات، إذا ما استمر في العمل الجدي في المؤسسات العمومية وأخضع القطاع الخاص للمراقبة الصارمة للمناهج المتبعة والموارد البشرية المشتغلةن وغيرها مما يعتمل خارج قانون التربية والتكوين.