تستعد عشرات الفتيات في الدارالبيضاء للسفر إلى تركيا لمجالسة زبناء خليجيين احتفاء بليلة رأس السنة الميلادية الجديدة، بينما أخريات اخترن لبنان وجهة لهن. وهن يحملن عقود عمل كتبت عليها "مجالسة الزبناء" أو "فنانة" لتمويه السلطات الأمنية.مراقبة مشددة في المطارات لمنع سفر المشبوه في امتهانهن الدعارة (ايس بريس) حسب مصادر "المغربية" فإن أغلب هؤلاء الفتيات يتحدرن من الأحياء الهامشية بالمدينة، مثل (سيدي عثمان، ومولاي رشيد وحي السلامة وبورنازيل والحي المحمدي والبرنوصي والألفة...)، لكنهن يتمتعن بجمال أخاذ وفاتن تستحسنه الوسيطة أو الكفيلة التي يعود إليها قرار الاختيار. عاينت "المغربية" عددا من الفتيات وهن يتبادلن أطراف الحديث في صالونات الحلاقة ومحلات التجميل عن استعدادهن للسفر، لكن أغلب الفتيات يتحدثن عن اختيار تركيا كوجهة جديدة باتت تلجأ إليها هؤلاء الفتيات من أجل ممارسة الدعارة، وحسب تعبيرهن فإن من بين الأسباب التي جعلتهن يخترن تركيا، سهولة إجراءات السفر أو سفرهن في رحلات منظمة من طرف بعض وكلات الأسفار مدتها ما بين أسبوع و 15 يوما. تركيا "الحلم" "هل تستعدين للسفر يامريم؟... وأنت ياسناء ماهي وجهتك هذه السنة؟ الأولى تقول إنها ستسافر إلى لبنان والثانية ترد "أنا هذه السنة ستكون وجهتي تركيا حيث جمال الطبيعة وكرم الزبائن"، وقبل أن تتمم سناء كلامها قاطعتها هدى قائلة: "اللي بغات تدبر هاذ العام على لعاقة أو بلا صداع البوليس تمشي لتركيا". هذا الحديث دار بين فتيات في سن الزهور في إحدى صالونات الحلاقة. وقالت إحداهن "تركيا بعدا فيها الآمان إلى كريتي الدار اللي بغا يدخل يدخل بلا حضية"، وشاطرتها أخريات الرأي ذاته مؤكدات "ملي كنا كنبغيو نمشيو الإمارات أو البحرين كيحبسونا في المطار" و "حنا راه باغين نترزقوا راه في راس العام "لحوالة" كيكونوا كرام بزاف". أما لبنى (21 سنة) فقالت "أنا غاذي نمشي لمصر ندوز يومين أو من بعد نطلع لتركيا"، لتقاطعها سناء مرددة "أنت ذكية واخترت الوجهة الصحيحة، ربما أرافقك إلى مصر ونمضي يومين في الغردقة وشرم الشيخ ومن الممكن أن نصطاد زبونين رفيعي المستوى ويتكلفان بتسفيرنا إلى تركيا، ولما لا إلى التايلاند أو ماليزيا". وأجابت لبنى بابتسامة عريضة "فكرة هائلة". حفلات ماجنة وأفاد مصدر موثوق أن أغلب المترشحات، اللواتي لديهن التزامات مع الكفيلة من اجل السفر إلى لبنان، يسافرن أولا إلى تونس، وبعدها تكون الوجهة إلى لبنان لإحياء حفلات ماجنة رفقة خليجيين من العيار الثقيل، مقابل مبالغ مالية مغرية تتراوح بين 20 و 50 ألف درهم، ويزداد المبلغ كلما كانت "الجليسة" بكرا. ومن بين هؤلاء المستعدات للسفر فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 18 و 24 سنة، وأخريات سبق لهن الرحيل من دولة الإمارات العربية وسوريا والأردن، لكن، حسب المصادر، حصلن من جديد على عقود عمل من أجل الرقص ومجالسة الزبناء الخليجيين خلال ليلة رأس السنة. تسرد لبنى حكايتها مع الخليجيين في كل من دولة الإمارات والأردن وهي تتحسر على تلك الليالي الماجنة التي قضتها رفقتهم، إذ تقول بنبرة حزينة "الحوالة كيبقاو غير حوالة، تكرفسو علي". كانت حكاية لبنى مؤلمة، فهي في بداية الأمر سافرت إلى الكويت من أجل العمل كحلاقة، لكنها تفاجأت بالكفيلة ترمي بها في أحضان أحد الخليجيين، الذي افتض بكارتها مقابل مبلغ 20 ألف درهم، استحوذت الكفيلة منه على مبلغ 15 ألف درهم واحتفظت لها بالمبلغ الباقي مع جواز السفر. لبنى ليست الضحية الوحيدة، التي سلكت طريق الدعارة مكرهة، بل عشرات الفتيات اللواتي يمتهن الدعارة في دول الخليج كن ضحية حيل ومكائد بعض الكفيلات، وتعرضن لأبشع أنواع الاغتصاب والتعذيب. رحلة الجحيم رجاء (25 سنة)، ممشوقة القوام وذات جمال فاتن، انقطعت عن الدراسة في سن السادسة عشر واستقطبتها إحدى الوسيطات، وهجرتها إلى الكويت بحجة العمل كمربية لدى إحدى العائلات الميسورة، لتجد نفسها في أحضان شخص يكبرها بأربعين سنة وينهال عليها ككومة لحم ويفتض بكارتها مقابل مبلغ 10 آلاف درهم مغربية. بكت لبنى بمرارة ولم تعر اهتماما للمكياج الذي زين وجهها وزاده جمالا، ورددت وهي تلطم وجنيتها المحمرتين "يارب تعفو علي من هاذ الطريق، والله كون لقيت شي ولد الناس ما نبقى نبيع لحمي اللي سوا واللي مايسواش". إن أغلب المغربيات اللواتي امتهن الدعارة بالخليج العربي غرر بهن، فأجساد هؤلاء الفتيات أصبح لها وسطاء وتجار وزبناء بمختلف دول الخلي، وحكاياتهن آلمت أمهاتهن وأخواتهن وأقربائهن، بينما أزعجت الخليجيات اللواتي بتن يخفن على أزواجهن من المغربيات. وحسب إفادات بعض العاهرات المغرر بهن فإن أغلبهن يعشن مثل عبيد وجاريات، مطلوب منهن فعل كل شيء، ولا يمكنهن الرفض، فبعضهن يمضين وقتهن في السرير ينتظرن الزبون، وأخريات مطالبات بمجالسة الزبون في الفضاء المخصص لذلك أو الانتقال رفقته إلى مكان آخر. فتيات يعشن في جحيم دائم ولا يمكنهن البوح بذلك، بل وجدن أنفسهن مرغمات على ممارسة الدعارة بطرق وحشية وفعل أشياء يحرمها الشرع، ومجبرات على الصمت. فمنذ وصولهن إلى البلد المضيف تعيش الضحايا ظروفا تعسة ومروعة، وغالبا ما تكون استضافتهن بالاعتداء البدني لجعلهن يعشن في خوف دائم ومستدام من القوادين والقوادات المسيطرين على أوكار الدعارة. ويتعاملون مع من تسلك سبيل التمرد بطريقة أقسى وأشد مع ممارسة مختلف أشكال الابتزاز. ليلة الكاستينغ واستنادا إلى مصادر متطابقة، فإن عملية انتقاء هؤلاء الفتيات تجري داخل الحمامات العمومية وبعض صالونات الحلاقة ومراكز التجميل، ومحلات بيع مواد التجميل والملابس الجاهزة وبعض مخادع الهاتف وبعض المقاهي، التي ترتادها الفتيات، إضافة إلى اصطياد البعض منهن من أبواب المؤسسات التعليمية. وإلى ذلك، أكد مصدر موثوق أن أغلب هؤلاء الفتيات يتهيأن للتجميل في بعض الصالونات بالأحياء الشعبية، و اللواتي لا يتوفرن على شعر طويل، فهن منكبات على إخاطته لأنه يساعدهن على الرقص مع إيقاع الموسيقى الخليجية والدبكة اللبنانية. وأضاف المصدر ذاته أن بعض الفتيات اخترن أحسن صبغات الشعر بألوان الطيف من أجل تغيير "اللوك"، وأخريات فضلن الذهاب إلى الحمامات التركية من أجل التدليك وتلطيف بشرة الوجه، والبعض يمضين وقتهن في مراكز التجميل لإجراء تغييرات في الوجه وشفط الدهون. يشار إلى أن المصالح الأمنية بمطار الدارالبيضاء دائما تتأهب مع اقتراب ليلة رأس السنة لمراقبة الفتيات المتوجهات إلى كل من الإمارات ولبنان وتونس وإيقافهن حين الشك في عقود عملهن.