تستأثر نادية قادري، أستاذة طب الأمراض النفسية، بكلية الطب والصيدلة، التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، والطبيبة بالجناح الخاص بهذا الصنف من الأمراض، منذ 1986، باهتمام البحث العلمي الطبي، في مجال تقول إنه يعاني مشاكل عدة، بسبب نظرة المجتمع المعقدة إلى المرضى النفسانيين. وترى أن الأمراض النفسية في المغرب في تطور مستمر، رغم قلة الإمكانيات والمناهج، بدليل أن عدد الأطباء النفسانيين انتقل من طبيب واحد سنة 1960، إلى 400، حاليا، لكنها تشدد على أولوية تغيير نظرة المجتمع إلى المرضى، بالتخلص من "وصمة العار، التي تصيب المرضى، كإحساس يحد من التقدم في احتواء المشاكل المترتبة عن الأمراض النفسية". وتضيف قادري أن الناس يخافون من المرضى النفسانيين، ويقرنون المرض العقلي بالعنف، كما تزيد المعتقدات الشعبية المترسخة من هول هذه الأمراض. أغنت الأستاذة قادري، المزدادة في القنيطرة سنة 1961، هذا المجال بما أسدته من خدمات، كما يشهد على ذلك حصولها على جائزة "خميسة 2009"، في صنف "علوم وأبحاث"، اعترافا بدراسة علمية قيمة، أنجزتها، بتعاون مع وزارة الصحة، حول "الاضطرابات العقلية في المغرب"، انطلاقا من عينة تتكون من 6 آلاف فرد، يعانون اختلالات نفسية، معظمهم نساء. تقول قادري إن الجائزة "تمثل تشريفا لي، باعتباري امرأة، وطبيبة نفسانية، وأستاذة، وهو تشريف حفزني للتقدم في مجال الأبحاث، وبذل أقصى ما يمكن من الجهد، لتحسين أوضاع المرضى النفسانيين بالمغرب". انطلاقا من هذه الدراسة، نجحت قادري في ربط ما هو نظري وأكاديمي بما هو عملي وميداني في الطب النفسي، ما مكنها من التعمق في هذا المجال، همها تطوير المعارف، وتحسين أوضاع النساء المريضات، إذ لاحظت أنه، في فترات الوضع، يتأثر المواليد، بشكل مثير، بالأوضاع النفسية والبيولوجية لأمهاتهم. إضافة إلى اهتمامها بالمجال النفسي، تنشغل، أيضا، بالجانب الجنسي، وأنجزت مؤلفا بعنوان "كتاب التربية الجنسية الخاصة بالشباب المغاربة والشابات والمغربيات"، تقول إنه الأول من نوعه في مسألة الجنسية في المغرب، ويتميز ببساطته، وجاذبية قراءته. وهو مقسم إلى أجزاء، تعالج الإسلام والجنس، والقانون والجنس، والجنس والإكراهات الاجتماعية، التي تتمثل في العذرية، والمثلية الجنسية، والاغتصاب، والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، والأمراض المنقولة جنسيا، علاوة على زوايا أخرى، مثل الأعضاء التناسلية، والمتغيرات البيولوجية والنفسية، قبل وبعد سن البلوغ الجنسي. وتتميز هذه الطبيبة، التي توصف في أوساط زملائها، من الأطباء والأساتذة والباحثين، بأنها دائمة الاشتغال، بحرصها على إتقان عملها، إذ أن "المستشفى ليس مجالا للاسترخاء، لكنه للعمل والعطاء، حتى بأقل الوسائل والتجهيزات، ما يتطلب التحلي بالجدية، والصبر، والقدرة، لحل ألف مشكلة يوميا". وللجامعية قادري مكانة متميزة، كذلك، في الحقل الجمعوي الجامعي، فهي رئيسة الجمعية المغربية للصحة الجنسية، ونائبة عصبة الصحة العقلية، وعضوة في العديد من الجمعيات الدولية، وخبيرة لدى هيئات دولية عدة.