قال حزب التقدم والاشتراكية، اليوم الأحد، إن الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح، في حين ينحو الفضاءَ السياسي والانتخابي إلى أن يصير خاضعاً أكثر فأكثر لسلطة المال ولهواجس المصالح الذاتية، وإلى أن يبتعد أكثر فأكثر عن المصلحة العامة وعن التنافس بين البرامج والأفكار. وسجل الحزب في تقرير لمكتبه السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية أن العمل الحكومي يعاني من أعطاب عميقة بسبب المقاربات المتغولة والمتجاهِلة للأوضاع الصعبة للمغاربة، حيث الغلاء الفاحش للأسعار تقابله تدابير حكومية محدودة، والبطالة بلغت مستويات غير مسبوقة مشكلة النقطة الأكثر سواداً ضمن إخفاقات الحكومة، فضلا عما يعرفه ورش التغطية الصحية من اختلالات. ولفت "التقدم والاشتراكية" إلى أن الحكومة تتجاهل أي صوت آخر، واستمرت في اعتمادِ خطابِ الارتياح والرضى المفرط عن الذات، مع عدم الاهتمامِ بمعاناة المغاربة وأوضاعهم الاجتماعية المتدهورة، كما أن قانون مالية 2025 يُكرِّسُ نفسَ السياساتِ الفاشلة، ولا يَرقى أبداً إلى معالجة مظاهر الفقر المتزايد، والقدرة الشرائية المتدهورة، وصعوبات المقاولات التي تختنق، كما أنه لا يَرقى إلى حجم الانتظارات فيما يتعلق بضمان السيادة الاقتصادية، ولا فيما يرتبط بالقدرة على معالجة التراجع الخطير للتشغيل والارتفاع غير المسبوق للبطالة. وحذر حزب "الكتاب" من أن الحكومة تجرأت بشكلٍ غيرِ مسبوق، على التهجُّمِ على مؤسسات رسمية مهامُّها إبداءُ الرأي وتعزيزُ الحكامة ونشر قيم النزاهة والوقاية من الفساد وإنتاج وتجميع وتحليل المعطيات الإحصائية، في حين لا يكف خطابَ مكونات الحكومة، على عادته، عن التحجج بإرثِ ماضٍ هي جزءٌ من إيجابياته ومن سلبياته. وأكد التقرير السياسي عجزِ الحكومة عن المراقبة الحقيقية للأسواق والمحاربة الحازمة للمضاربات والاحتكارات، وأقدمت على السقوط المتكرر في شُبْهَاتِ مَنحِ الامتيازات والدعم العمومي والمعلومة الاقتصادية لأشخاص مرتبطين بالفضاء الحكومي وبالحزب الأغلبي. كما أنَّ الحكومة، يضيف ذات المصدر، لا تتورَّعُ عن إقرار أو اقتراح تعييناتٍ لمقربين من الحزب الأغلبي على رأس قطاعاتٍ أو مؤسسات أو صناديق عمومية، بعيداً عن المعايير الموضوعية اللازمة. وتختزل "مكافحة الفساد" في تبسيط المساطر الإدارية فقط، في حين أنها سحبت من البرلمان مشروع القانون الخاص بالإثراء غير المشروع، ولم تستجب إلى النداءات الداعية لفتح النقاش بأفق بلورةِ قانونٍ متعلق بتضارب المصالح تفعيلاً للدستور، ذلك أنَّ هذا التوجُّهَ ينسجمُ تماماً مع طبيعتها، ومع ممارساتها التي يعتريها تنازُعُ المصالح، بشكلٍ صارَ معلناً وصريحاً، يُدافعُ عنه رئيسُ الحكومةِ على الملأ أمامَ البرلمان. وأكد ذات الحزب فشل الحكومة في ورش الحماية الاجتماعية، حيث لا يزالُ 8.5 مليون مغربية ومغربي خارجَ الاستفادة من هذا الورش الاجتماعي الهام، كما فشلت في خلق الجاذبية لضمان اشتراك المهنيين المستقلين والعمال غير الأجراء الذين يظلُّ معظمُهم غيرَ مسجَّلين أو لا يُؤَدُّونَ الاشتراكاتِ المفترَضة، كما أن معظم نفقات التأمين الصحي الإجباري الأساسي يستفيدُ منها القطاعُ الصحي الخصوصي. وبخصوص الدعم الاجتماعي تسعى الحكومة، حسب التقرير، نحو الالتفافِ على هذا الورش لخفضِ الكُلفة الفعلية، من خلال إعمالِ مؤشرٍ إقصائي بمعايير غريبة، مما أدَّى إلى حرمانِ مئاتِ آلافِ الأسر من الاستفادة، وإلى إيقاف تقديمِ هذا الدعم على عددٍ من الأسر شهوراً قليلة بعد بدايته. وشدد "التقدم والاشتراكية" على أن تعمُّقَ الفساد، في عهد هذه الحكومة، ليس له تداعياتٌ على الحكامة فقط، بل له أيضاً كلفة اجتماعية باهظة تؤديها غالباً الفئاتُ المستضعفة، وكلفة اقتصادية ثقيلةٌ نؤديها من الناتج الداخلي الخام. وسجل الحزب من جديد غياب الأبعاد الديمقراطية والحقوقية عن أجندة حكومة أخنوش عموماً، وارتياحها إزاء إغراق المؤسسات المنتخبة بالفاسدين والمفسدين، وكثيرٌ منهم مُتابَعُ على خلفية قضايا جنائية شخصية أو مرتبطة بتدبير الشأن العمومي.