انتقد حزب التقدم والاشتراكية، اليوم الثلاثاء بالرباط، فشل الحكومة في التعميم الفعلي والعادل لورش التغطية الصحية، وإقصائها ملايين المواطنين المستضعفين من هذه التغطية، ومن الدعم الاجتماعي المباشر، ناهيك عما يرافق دعم السكن من تعثرات، ودعا إلى إحداث قانون تمويل الحماية الاجتماعية. وتوقف نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية خلال تقديم رسالة حزبه حول إخفاقات الحكومة في النصف الأول من ولايتها، والتي وجهها لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، -توقف- على إقصاء 8 ملايين مواطن مُستضعف من مجانية الانخراط في التغطية الصحية، وذلك بمعايير وعتبة مجحفة تفرض عليهم الأداء وهم غيرُ قادرين عليه، إلى درجة تجاهل الحكومة تماماً لوجود هؤلاء الملايين من المغاربة.
كما نبه بنعبد الله إلى ما يواجهه المسجلون من صعوباتٍ حقيقية في الولوج الفعلي والمتكافئ للخدمات الصحية. ولفت إلى عجز الحكومة عن خلق جاذبية الخدمة الصحية وجودتها، لضمان اشتراك المهنيين المستقلين، حيث لا يتجاوز عدد من أقبلوا منهم على التسجيل 13%، ولم يتم تحصيل سوى 27% من إجمالي الاشتراكات المفترَضة، بما يهدد في العمق استدامة تمويل ورش التغطية الصحية. وقال الأمين العام للحزب إنه وعوض أن تؤسس الحكومةُ عملها على الارتقاء بالمستشفى العمومي، فقد جعلتْ من القطاع الصحي الخصوصي هو المستفيد الأول من صناديق التغطية الصحية، بنسبة تناهز 75% حسب أرقامِ الحكومة، وأزيد من 90% حسب مصادر أخرى، بما يؤكد توجهات الحكومة المنتصرة للوبيات المال. وإلى جانب التغطية الصحية، رصدت الرسالة عجز الحكومة عن إعمال العدالة في الدعم الاجتماعي المباشر، والتفافها حول هذا الورش، بحرمان ملايين المستضعفين من هذا الدعم، من خلال إعمال معايير وعتبة إقصائية، فقط لخفض الكلفة، إلى جانب إيقافها صرف هذا الدعم عن عددٍ من الأسر شهوراً قليلةً بعد انطلاق الورش. ويأتي هذا الإقصاء، حسب ذات المصدر، في الوقت الذي ألغت فيه الحكومة برامج اجتماعية سابقة (تيسير، دعم الأرامل، مليون محفظة، التماسك الاجتماعي…)، مبرزا أنَّ ما تقدمه الحكومة من دعمٍ مباشر لا يرقى إلى مستوى ما وعدت به من مدخولٍ للكرامة بالنسبة للمسنين، الوارد في البرنامج الحكومي. كما سجل بنعبد الله وجود تعثرات مؤكدة في برنامج دعم السكن، وهو ما يعكسه الفرق الكبير بين الأرقام المعلنة (110 ألف أسرة سنويا بكلفة 9.5 مليار درهماً سنويا) وبين ما هو منجزٌ فعلاً إلى حد الآن (60 ألف طلب فقط، وتصفية ما يكافئ 600 مليون درهماً فقط من كلفة الملفات المعالجة). كما أن الحكومة، حسب المتحدث، لم تتخذ تدابير ضرورية لتحقيق الهدف من الدعم، وأساساً محاربة ظاهرة الأداء غير المصرح به "النوار"، وضمان إقبال المنعشين العقاريين على إنتاج ما يلزم من عرض سكني، وخاصة السكن الاجتماعي، وتحريك الآليات والمبادرات العمومية لتوفير هذا الصنف من السكن. وأكد أن الوضع يُلزِمُ الحكومةَ باتخاذ التدابير الضرورية لتحويل هذا الإجراء إلى نجاحٍ فعلي يُلبِّي حجم الانتظارات، على أساس التكافؤ الاجتماعي والمجالي. وأوصى "التقدم والاشتراكية" بإحداث قانون تمويل الحماية الاجتماعية، بالنطر إلى ما صرحت به الحكومة من تخصيص زهاء 50 مليار درهم سنوياًّ للتغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر ودعم السكن، على المدى القريب، وبالنظر إلى ما تم تسجيله من ثغراتٍ كبرى في التفعيل، ومن إقصاءٍ لملايين الأسر المستَحِقَّة للاستفادة من كُلِّ أو بعضِ مكونات الحماية الاجتماعية. وأكد على أهمية هذا القانون، وذلك لأجل ضمان الاستدامة والشفافية، وحتى تتضح للعموم، بجلاءٍ، المبالغُ المالية التي ستُصرفُ فعلياًّ بهذا الشأن، ولأجل أن تبرهن الحكومةُ على أنها ليست بصدد إعلاناتٍ مُضَخَّمَة تخلق انتظاراتٍ عريضة، وتُفضي في نهاية المطافِ إلى خيبة أمل شرائح واسعة من المواطنات والمواطنين.