بغية تأهيل الجامعة والمدرسة المغربيتين، للدخول في التنافسية الوطنية والدولية، والاستجابة للمهام الرئيسية، التي أناطها بهما القانون، نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة دكالة–عبدة، الجامعة الخريفية الأولى، في موضوع "الحكامة في مجال التربية والتكوين"، أخيراجانب من مؤطري الندوة يتوسطهم الدكتور محمد المعزوز حضر أشغالها مفكرون وأساتذة باحثون من المغرب، والجزائر. واستهل الدكتور محمد المعزوز، مدير أكاديمية دكالة عبدة، افتتاح الندوة الفكرية الدولية، بتدخل مستفيض، حاول من خلاله، تحديد الحكامة، التي يجري توظيفها لأول مرة في الحقل التربوي، بعد تحويلها من التصورات السياسية، وذلك انطلاقا من الموازاة بين هذا المفهوم، ومفهوم الحداثة، وكذا، ميكانزمات وآليات إنزاله إلى أرض الواقع، سيما في حقل التربية والتكوين، الذي قال إنه إطار معقد، ولا وجود فيه للإدارة بمفردها، دون باقي الحساسيات والمتدخلين. وخلص محمد المعزوز، الذي حظي بلقب أفضل شخصية بدكالة لسنة 2007، إلى جانب ظفره، شهر فبراير 2008، ب"جائزة المغرب للكتاب"، عن روايته "رفيف الفصول"، إلى ضرورة اعتماد حكامة راشدة وتطبيقية، للدفع بالقطاع نحو مدرسة حداثية، تكون مرتبطة أصلا بالموارد البشرية، مستنتجا أن الأزمة الحقيقية للقطاع، هي أزمة العنصر البشري. وعالج المتدخلون المغاربة ونظراؤهم الجزائريون، في جلسات صباحية ومسائية، الحكامة، من جميع جوانبها، وأساليب أجرأتها في قطاع التربية والتكوين. وأجمعوا على أنها تعتبر أداة لضبط وتوجيه وتسيير التوجهات الاستراتيجية الكبرى للمؤسسة، ويمكن تطبيقها في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وتناولت مداخلات المشاركين، التي تلتها مناقشات مستفيضة، الحكامة في المجال التربوي، من خلال تحديد الفوارق بين طبيعة المناهج الإرشادية، التي تقوم عليها الحكامة، والمناهج الإرشادية، التي تقوم عليها التربية، من جهة، دون إغفال تناول الاختلافات بين أصناف الحكامة، التي تعتمدها مختلف المؤسسات التربوية (الأسرة، المدرسة ...)، من جهة أخرى، وذلك في أفق اقتراح "حكامة تربوية مندمجة"، تجعل من المدرسة، حسب الأستاذ الباحث عبد الفتاح الزين، قاطرة في المرور نحو "مجتمع المعرفة"، الضامن لتوفير شروط "المواطنة". وانصبت مداخلة الدكتورة نصيب نعيمة من الجزائر، على مقاربة التدريس بالكفاءات، التي قالت إنها عملية تربوية تعليمية، تعمل على توجيه، وتفعيل الموقف التعليمي، والأطراف الأساسية فيه (المعلم، المتعلم، المدرسة، والمعرفة ...)، ويستهدف التدريس بالكفاءات، الوصول إلى الجودة في التعليم. وفي السياق ذاته، استحضرت الأستاذة الجامعية الجزائرية عميرة جويدة، تجربة بلدها، في تحسين نوعية التربية والتكوين، الذي خضع لجدلية التطور التاريخي، منذ الحقبة الاستعمارية، إلى ما بعد الاستقلال. وللخروج من مظاهر التخلف، ولضمان مسيرتها التنموية، سعت الجزائر إلى ربط التعليم بهذه المسيرة، فوضعت مرسوما يتعلق بتنظيم التربية والتكوين، بتاريخ 16 أبريل 1976، الذي نص على إجبارية ومجانية التعليم والتكوين. ما مكن من تقليص معدلات الأمية، إثر السياسة المعتمدة، التي وصلت خلال العشرية الحالية، إلى أقل من 25 في المائة. وتركزت مداخلة الدكتور العربي فرحاتي، الأستاذ بجامعة باتنةبالجزائر، التي تلاها زميله الدكتور محمد زردومي، الأستاذ المحاضر بجامعة الجزائر، إثر تعذر مجيئه إلى المغرب، على محور "الحكامة في إدارة جماعة القسم أثناء الدرس، في ضوء جدلية الاعتناق والانعتاق"، محاولا معالجة تسيير هذه الجدلية في القسم، كمشكلة ثنائية، وذلك عبر "تفكيك المعاني المركبة للمصطلحات، ومحاولة فهم بيداغوجيا الجدل الإنساني، الاعتناق والانعتاق، بوصفها جدل تربوي في التعلم الإنساني، المعرفة كشرط لإدارة جدل الاعتناق والانعتاق، ثم الحكامة في إدارة جماعة القسم أثناء الدرس". أما الدكتورة لكحل لخضر، الأستاذة بجامعة الجزائر، فانصب اهتمامها على "متطلبات تجسيد الخطة التربوية، على ضوء المعايير الاقتصادية، للإصلاح التربوي".