حدثنا بعض الأطباء عن أن شريحة عريضة من المغاربة، الذين يشكون أمراضا مزمنة، مثل داء السكري والقلب وتصلب الشرايين وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم، حرصوا على استشارة أطبائهم المعالجين حول إمكانيات خرق نظام الحمية الغذائية والصحية، للانضمام إلى باقي أفراد أسرهم للاحتفال بعيد الأضحى.والسبب بادي، حسب الأطباء ذاتهم، لأن كثير منهم يعجز عن مقاومة رغبته النفسية في الاستمتاع بشوي قطعات من لحم وكبد الخروف، وتذوق حبات الكسكس في تجمعات عائلية، غالبا ما لا تحدث إلا في مثل هذه المناسبة الدينية. ولم يخف عدد من الأطباء تحرجهم من إعطاء إجابة قطعية لمرضاهم، من خلال منعهم بشكل قطعي عن تذوق لحم الخروف، لما يتسبب فيه من آثار سلبية على صحة مرضاهم، إذ يبيحون استهلاكهم بكميات معينة وفي أوقات محددة وتحت شروط مقيدة جدا، باستثناء الحالات المرضية التي يتخوف على تعرضها لمضاعفات فالإحتفال بالمناسبة بوجبات غذائية صحية تضعف احتمالات التعرض لمضاعفات صحية. ونجد أنه لا بأس بمناسبة عيد الأضحى المبارك التذكير بما يقوله الأخصائيون في التغذية حول مضار الإفراط في أكل لحوم الأغنام على المدى المتوسط والبعيد، بشكل عام، التي تبدأ بالحموضة والانتفاخ، خاصة لحوم الضأن الغنية بالدهون والتي ترفع من دهون الدم خاصة الكولسترول الذي يترسب في جدار الشرايين، ويتسبب في تصلبها، وبالتالي الرفع من امكانات انسدادها والتسبب في حدوث الذبحة الصدرية أوجلطة القلب وانسداد شرايين المخ المسببة لجلطة مخية، أو في انسداد شرايين الكلي. ومن الأمراض الناتجة عن إصرار مرضى السكري، مثلا، على استهلاك هذا النوع من اللحوم، الإصابة بمرض النقرس عند الأشخاص المهيئين له، باعتباره مرضا يتسبب في الآم المفاصل ومتاعب الكلي، ولذلك فإن خبراء التغذية ينصحون بالاعتدال في أكل اللحوم، والابتعاد عن الدهون الموجودة فيه، بل الحرص على إزالتها قبل شيها، خاصة مرضى السكر والقلب وتصلب الشرايين، لأنها تؤدي إلى السمنة. ومن الأشياء التي ينبه إليها الأطباء، بمناسبة عيد الأضحى، وحتى خارج أوقاته، تفادي شوي اللحم على الفحم لتجنب مضاره الصحية، إذ يتحدثون عن أنه كلما تسربت الذهون من اللحم، كلما تفاعلت كيميائيا وتصاعدت منها مواد مسرطنة، تلتصق بقطع اللحم، ما يهدد صحة مستهلكها، ولذلك يجد بعض الأطباء أنه من المفيد اللجوء لاستعمال الوسائل الكهربائية لشوي اللحم، مع الحرص على عدم أكلها نيئة لأنها قد تكون محتوية على بكتيريا وعلى مواد ضارة، وفي الآن نفسه، يجب تفادي الشوي على حرارة عالية جدا، التي قد تخلق عناصر سرطانية في اللحمة، خاصة إذا احترقت. وتأتي المخاوف من اللحوم الحمراء لاحتوائها على مواد دهنية، لا نراها، تكون موجودة داخل اللحمة، مشبعة بالدهون والكوليسترول، بخلاف اللحوم البيضاء، مثل الدواجن والأسماك. ويحتوي لحم الغنم على دهون أكثر من لحم البقر ولحم الماعز، ولذلك ينصح باستهلاك لحم البقر أو الماعز، لاحتوائها على كمية دهون أقل من الغنم. ومن مسببات التحذير من الإفراط في أكل اللحوم، لأنها خالية من الألياف، التي تعتبر مهمة لحركة الأمعاء. ويحذر الأطباء من استهلاك اللحوم المدخنة مثل، التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، بنسبة 30 إلى 50 في المائة. الحديث عن الأضرار الصحية للحوم، لا يلغي أبدا فوائدها، مادام استهلاكها يجري وفق الكميات المعقولة ودون إفراط أو مبالغة. ومن هذه الإيجابيات، أن اللحوم غنية ب"الزيك" والفيتامين "ب" الأساسيين للجسم وعمله، إلى جانب احتوائه على كمية كبيرة من الحديد والبروتينات المهمة للحفاظ على الخلايا، خاصة خلايا العضلات، والمساعدة على ضمان النمو السليم للأطفال. كما تتوفر اللحوم على كمية الحديد الموجودة في اللحوم الحمراء، وبأكثر من ثلاث مرات من كمية الحديد في اللحوم البيضاء أو الدواجن، ويختلف الحديد الموجود في اللحوم، عن الحديد من مصادر أخرى، لأن الموجود في اللحوم يمتصه الجسم بفعالية كبيرة. ومن النصائح الطبية التي ينصح تتبعها عند طهي اللحوم الحمراء، الحرص على تنظيف اللحم قدر الإمكان، من الدهون البيضاء الظاهرة، فكلما كانت اللحمة حمراء، كل ما كانت قليلة الدهون، مع اللجوء إلى سلق أو تحمير اللحم، وتفادي استعمال المواد الدهنية، خاصة السمن والزبدة، خلال تحضير اللحم للطبخ. ومن الأفضل استعمال كمية قليلة من الزيوت، في حالة الضرورة، والحرص دائما على اختيار اللحمة الهبرة، القليلة الدهون، مهما كان نوع الحيوان، وإلا وجب إزالة الدهون قبل الطبخ، ولا يجب زيادة كمية كبيرة من الدهون عند الطهي، خاصة أن اللحوم تحتوي على دهون طبيعيا.