أكد الفنان السوري دريد لحام، الذي بصم الدراما العربية بشخصيات "غوار الطوشة"، و"عبد الودود " وأبو الهنا"، أن مقاربة حقوق الإنسان في السينما يجب أن "تتجاوز شقها السياسي إلى مواضيع أهم بكثير وتدخل في عمق هذه الحقوق، وهي حقوق المرأة والطفل"، أو بشكل عام حقوق "خلية الأسرة".الفنان السوري دريد لحام ويرى دريد لحام، الذي حل، أخيرا، بالرباط، للمشاركة في "اللقاءات المتوسطية حول السينما وحقوق الإنسان"، أن التطرق لمسألة حقوق الإنسان في الفن السابع، "له علاقة بالدرجة الأولى بفهمنا لهذا الموضوع"، خصوصا أن كثيرين، "ويمكن أن أكون واحدا منهم"، يفهمون أن "تيمة حقوق الإنسان محصورة في الدفاع عن سجين سياسي هنا أو هناك". وأقر بتواضع كبير، عن مشاركته في هذا الموعد السينمائي المتميز البعيد عن أضواء وصخب المهرجانات، أن "اللقاءات المتوسطية حول السينما وحقوق الإنسان" ساهمت "في توسيع مفهومي ومعرفتي بهذه الحقوق". غير أن هذا الفنان العربي، الذي اقترن اسمه في المجال السينمائي بأسماء مبدعين كبار أمثال محمد الماغوط، الذي أفردت له الدورة تكريما خاصا، لاحظ أن مثل هذه اللقاءات كانت "زاوية عريضة جدا، أهم ما فيها مسألة حقوق المرأة وحقوق الطفل"، التي تظل برأيه "أهم بكثير من الشق السياسي في الموضوع". لم تكن الإشارة إلى حقوق الطفل غريبة عن صاحب شريط "الحدود"، الذي أبى، رغم شهرته ونجوميته، إلا أن يخصص برنامجا للأطفال "عالم دريد". أما اهتمام دريد لحام، الذي اختير سنة 1997 سفيرا للنوايا الحسنة لمنظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قبل أن يترك المنصب سنة 2004، بالأسرة فسيجسده مستقبلا بفيلم حول العنف العائلي "الذي يدخل في عمق حقوق الإنسان" وهو العمل الذي يعكف حاليا على كتابته. ويحرص الفنان العربي على أن يؤكد أن "الاهتمام بالأسرة قضية وطن بأكمله، فإذا كانت الأسرة متماسكة فالوطن سيكون متماسكا". والحديث عن الأسرة والطفل هو، بالنسبة لدريد لحام، حديث في العمق عن الإنسان لأن "الوطن ليس جغرافيا, وليس حدودا من الشمال والجنوب، ليس جبالا ووديانا وسهولا، بل هو إنسان قبل كل شيء ... فالوطن يستمد قوته من عنصره البشري". أما عن مساهمة السينما في الدفاع عن حقوق الإنسان، فيقول "بالتأكيد هناك آفاق واسعة تبقى مفتوحة ومشرعة الأبواب أمام السينمائيين، في هذا المجال، خاصة أنها مواضيع تتجدد كل يوم". وعن حضور الهاجس الحقوقي في أعماله، يعتقد الفنان السوري أن شخصية "عبد الودود"، التي أداها أول مرة في شريط (الحدود)، هي التي تناولت "مسألة حقوق الإنسان بشكل كبير"، فهي "شخصية من لحم ودم وتشبه الكثيرين، أو بمعنى أصح تشبه الكل"، أما (غوار الطوشة) فهي "شخصية خاصة جدا، ليس لها من يشبهها"، لأنها بكل بساطة "شخصية مخترعة". وينبش دريد لحام أكثر في ريبيرتواره الفني، فيضيف أن شخصية (أبو الهنا) في مسلسل (أحلام أبو الهنا) "قد تكون أقرب لحقوق الإنسان لأنها تشبه كل الناس الذين يمشيون في شوارع العالم العربي". وأعرب الفنان العربي، من جهة أخرى، عن أمله في أن يعمل مع الفنانين المغاربة، خصوصا وأن لهم "حضورا قويا في الأعمال الفنية السورية، وعلى رأسهم الفنان الصديق محمد مفتاح"، مضيفا "إننا فخورون به" متمنيا "أن تتوسع دائرة التعامل هذه أكثر فأكثر" مع فنانين آخرين. يذكر بأن دريد لحام، وهو من مواليد دمشق عام 1934، درس العلوم الفيزيائية والكيميائية في جامعة دمشق، وعمل مدرساً في بلدة صلخد جنوب سوريا حتى 1959. كان يحاضر في جامعة دمشق، قبيل انتقاله إلى عالم التمثيل في التلفزيون عام 1960 بدعوة من الدكتور صباح قباني، مدير التلفزيون السوري آنذاك، ثم اتجه إلى التمثيل المسرحي. اشتهر خاصة بشخصية "غوار الطوشة" الكوميدية، التي مثلها في معظم أعماله الفنية، وحصل على عدة أوسمة منها وسام الاستحقاق السوري، ووسام الكواكب الأردني، والثقافة التونسي، وعدد من الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير من الجاليات العربية في العالم. من أبرز أعماله "الحدود"، و"التقرير"، و"إمبراطورية غوار"، و"كفرون"، و"الوردة الحمراء"، و"أنا عنتر"، و"رمال من ذهب"، و"الآباء الصغار". يشار إلى أن الدورة الأولى ل"اللقاءات المتوسطية حول السينما وحقوق الإنسان"، نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الفترة ما بين 12 و15 نونبر الجاري.