شهدت الرباط والمناطق المجاورة، طيلة الأسبوع الماضي، إضرابا عن العمل لمستخدمي النقل الحضري، الأمر الذي تسبب في أزمة خانقة على مستوى التنقل نحو العاصمة، التي يقصدها يوميا حوالي 400 ألف مواطن يأتون إليها من مدينة سلا، و65 ألف مواطن من مدينتي الصخيرات وتمارة، حسب معطيات رسمية.أزمة خانقة بسبب إضراب حافلات النقل بالعاصمة (سوري) ويتنقل أغلب هؤلاء بواسطة النقل العمومي، وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود، وينتمون إلى الطبقات البسيطة. على غير العادة بدت الرباط، طيلة الأسبوع الماضي، فارغة من حافلات النقل الحضري، باستثناء الحافلات التابعة لشركة البوزيد، المندمجة في الشركة الجديدة "ستاريو"، التي فوض إليها تدبير النقل الحضري بالعاصمة، التي ستنطلق في استخدام أسطولها الجديد، حسب الشروط المتوافق عليها في دفتر التحملات، بداية من فاتح نونبر المقبل. "الخطافة" وأدى هذا الإضراب إلى انتشار النقل السري، وظهور وسائل متعددة غير مرخص لها، استغل أصحابها هذه الأزمة والعمل في الخطوط التي كانت تستعملها حافلات النقل الحضري قبل الإضراب. هذه الأخيرة لم تكتف بالعمل في ميدان النقل الحضري بدون ترخيص وبطريقة غير قانونية، بل إنها رفعت أيضا من تسعيرة النقل المتعارف عليها، وهي 4 دراهم إلى 5 دراهم، وأحيانا أخرى أكثر، مستغلين بذلك هذه الأزمة من أجل الربح السريع. كما تسبب الإضراب في وقوع ازدحام كبير على سيارات الأجرة الكبيرة على الخصوص، هذه الأخيرة لم تتمكن من سد الخصاص، ما يتسبب في وصول الموظفين متأخرين إلى مقرات عملهم في أغلب الأحيان. معاناة.. صفوف طويلة في محطات سيارات الأجرة لمواطنين يرغبون في التنقل إلى مقرات عملهم أو لقضاء مصالحهم، وسيارات عادية ودراجات نارية مخصصة لنقل السلع، و"هوندات" وسيارات عادية، كلها غيرت نشاطها بعد توقف مستخدمي النقل الحضري عن العمل، وأصبحت تتوقف بمحطات الحافلات لنقل المواطنين. وبسبب عدم سد الخصاص فإن هذه الوسائل البديلة للحافلات تعرف تسابق وتدافع الناس حولها للفوز بمقعد يضمن وصولهم إلى وجهتهم. وعبر المواطنون عن تذمرهم واستيائهم من هذا الوضع، إذ لم يعد بمقدورهم استحمال الأمر أكثر، خاصة الموظفين منهم والعمال والمستخدمين الذين يتنقلون بشكل يومي إلى مقرات عملهم، وهو ما عبر عنه عدد من المواطنين ل "المغربية"، الذين أكدوا أنهم أصبحوا يعانون معاناة حقيقة بسبب قلة وسائل النقل. قالت مواطنة، اسمها فتيحة، كانت تنتظر وسيلة نقل ما تقلها إلى مقر عملها "لا أعلم متى سيستمر هذا الوضع، لكن يجب على الجهات المعنية أن تجد حلا لمعاناتنا، فبسبب هذا الإضراب أصبحت أخرج من بيتي مبكرا جدا من أجل أن أضمن وصولي إلى العمل في الوقت المحدد، ومع ذلك في كثير من الأحيان لا أتوفق في ذلك بسبب الازدحام، ولأن الجميع يفكر في الأسلوب نفسه، فالكل أصبح يخرج مبكرا للبحث عن وسيلة نقل تقله إلى وجهته"، وعلق أحمد قائلا إن الوضع سيتأزم أكثر إذا ما قرر مستخدمو النقل الحضري تمديد إضرابهم عن العمل لفترة أطول، وظلت السلطات المحلية في موقع المتفرج ولم تحرك ساكنا". تذمر الطلبة لم يسلم التلاميذ والطلبة من هذه الإشكالية بدورهم، فهم يعتبرون أنفسهم أكثر المتضررين من هذا الإضراب، إذ عليهم الحضور إلى المدرسة في الموعد، وإلا فإن الدرس قد يفوتهم، وهو ما حصل مع طارق (يقطن بسلا) في اليوم الأول من الإضراب، إذ أنه كان يجهل الأمر، الشيء الذي تسبب في وصوله متأخرا إلى المدرسة، وفاتته الحصة الأولى من الدرس، وسجل متغيبا للمرة الأولى منذ الدخول المدرسي. يقول طارق، موضحا أنه منذ الإعلان عن إضراب مستخدمي النقل الحضري، أصبح يبحث عن أي وسيلة لكي يصل إلى مدرسته التي توجد بالرباط، حتى لو تطلب الأمر منه أن يطلب المساعدة بواسطة "أوطو سطوب"، "المهم عندي هو أن لا أتغيب عن الدرس". رهان 2010.. تراهن السلطات المحلية والجهات المعنية بالنقل الحضري بالعاصمة على تطوير النقل الحضري، والنهوض به في أفق 2010 من خلال التدبير المفوض للنقل الحضري الذي فازت به الشركة الجديدة "ستاريو"، التي اندمجت بها ثلاث شركات مغربية للنقل الحضري، هي "البوزيد"، "حكم بنعيسى" و"أحسن بيس"، إضافة إلى شركة "فيوليا" للنقل، وهذه الأخيرة، حسب الاتفاق الذي جرى توقيعه بينها وبين وزارة التشغيل والتكوين المهني، فإنها ستعزز محاور الرباطسلا وتمارة والصخيرات والمناطق المجاورة بأسطول سيضم في أفق 18 شهرا المقبلة 400 حافلة غير مستعملة، إضافة إلى 1300 منصب شغل في أفق 2011. وستضم الشركة الجديدة في المرحلة الأولى طاقما مكونا من مستخدمي الوكالة المستقلة للنقل الحضري ومستخدمي مجموعة الشركات الموقعة على اتفاق الإدماج، على أن يجري تعزيز الطاقم ب1600 مستخدم. كما تراهن العاصمة على مشروع الترامواي الذي سيساهم بدوره في حل إشكالية النقل الحضري وفي التلوث البيئي أيضا، وستعزز هذه المشاريع، بمشروع نفق الأوداية التحت أرضي وقنطرة مولاي الحسن الجديدة، التي ستعمل على حل إشكالية الازدحام بين العدوتين بالنسبة إلى مستعملي الطريق.