تُصر التلفزة المغربية على تقديم نشرة يومية لحوادث السير التي تشهدها طرقنا الوطنية، معززة بأرقام وصور، حتى بات الأمر شبيها بالنشرة الجوية المشهورة، إذ لا يختلفان إلا من حيث نوعية الأرقام ومضمون الصورففي الوقت الذي تفيدنا فيه نشرة بلعوشي بعدد ميليمترات الأمطار المتساقطة وصور ضحايا الفيضانات، تخبرنا، من جهتها، نشرة اللجنة المغربية للوقاية من حوادث السير، بعدد ضحايا حرب الطرق، معززة ذلك بصور مؤلمة للخسائر المادية والبشرية الناتجة عنها. إننا إذن أمام أخبار تلفزيونية كارثية، لا ينقصها سوى نشرة إضافية، يُسميها القائمون على التلفزيون الوطني ب"النشرة الإجرامية"، إذ لا يمكن أن تستمر قناتا البريهي وعين السبع غير مباليتين بما يُقترف يوميا من جرائم في مدننا وقُرانا، التي تجاوز عددها خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الماضية، 235 ألف جريمة، حسب تقرير لوزارة الداخلية، وهو المعدل الذي لا يختلف كثيرا عن سنة 2007 حيث اقترفت 240 ألف جريمة، أي بمعدل 28 ألف جريمة في الشهر الواحد. لا يفهم عدد من المشاهدين كيف يتكتّم الإعلام البصري في المغرب عن نشر أخبار الجرائم، بينما يُصر يوميا على تقديم صور دامية لضحايا حوادث السير. فإذا كان المسؤولون في القناتين، الأولى والثانية، يعتقدون أن أخبار الجرائم ستخيف السياح والمستثمرين في بلدنا، فإنهم مخطئون،إذ لا فرق بين "حوادث" الطرق و"قُطّاع" الطرق، لأن كلاهما ينتمي لخانة الرعب والدم والقتل. إن الكشف عن وجوه المجرمين على شاشة التلفزيون، سيُقدم لا محالة خدمة للمشاهدين، إذ سيكون بإمكانهم التعرف على وجوه "أصحاب السيوف"، المتخصصين في اعتراض سبيل الناس، وسلبهم ممتلكاتهم، وبالتالي تفادي شرهم في المستقبل أو إشعار البوليس بمكان وجودهم، في حال مشاهدتهم في مكان عمومي بعد مغادرتهم للسجن. على العكس من ذلك تماما، يُقدم التلفزيون رجال الأمن، الذين يعتقلون هؤلاء المجرمين، بوجوههم مكشوفة، وهذا خطر على حياتهم وعائلاتهم. لاحظوا كيف أن التلفزيونات في أوروبا وأمريكا تحرص على عدم الكشف عن وجوه رجال أمنها، وكيف أن هؤلاء غالبا ما يلبسون أقنعة عند القبض على المجرمين.