الأمطار التي تتهاطل على بلدنا هذه الأيام، بكميات كبيرة، إما أنها "تفلت" من مراقبة مديرية الأرصاد الجوية، فيكون نزولها مفاجئا وغزيرا، لا يترك الفرصة للمصالح المختصة لإخلاء السكان من المناطق المهددة بالفيضان، وإما أنها أمطار عادية، وأن مشكل الانهيارات والفيضانات، التي تحدثها، هو في بنيتنا التحتية، التي لا تتحمل مثل هذه التساقطات القوية. في السنة الماضية، خلفت هذه الأمطار العشرات من القتلى، ونفوق المئات من رؤوس الأغنام، وانهيار ما يفوق 300 منزل في مدينة سيدي سليمان وحدها، واليوم يتكرر المشهد نفسه، في مناطق الغرب والشمال ووسط المملكة، دون أن تتمكن الدولة من إخلاء السكان في الوقت المناسب. فما هو دور تلك النشرات، التي تحرص مديرية الأرصاد الجوية، على تقديمها كل يوم، عبر شاشة التلفزيون وأثير الراديو وصفحات الجرائد؟ إذا لم يكن دورها هو توقع حدوث الفاجعة، وإشعار السلطات المحلية بإخلاء السكان من المناطق القريبة من الوديان المهددة بالفيضانات، وإيوائهم، على الأقل في المدارس، بعيدا عن مكان الخطر، مادام أن أمر نقلهم إلى الفنادق يبقى شبه مستحيل. إننا نظلم المطر عندما نحكم عليه غيابيا بأنه المتهم الأول في انهيار بيوتنا، وتدمير طرقنا وتخريب منشآتنا، بينما هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف، ولا ذنب له سوى أنه يساهم في تنمية فلاحتنا، وملء سدودنا، وغسل شوارعنا المتسخة وحاويات أزبالنا المتعفنة. المسؤولون في بلدنا وجدوا في الأمطار مشجبا لتعليق ضعفهم في مواجهة الدمار الذي تخلفه التساقطات مع حلول فصل الشتاء من كل سنة، ولم يجدوا من وسيلة للدفاع عن مناصبهم سوى الهجوم على الأمطار، واتهامها بتدمير المنشآت "الهشة"، التي بُنيت على أيديهم. إذا كان فصل الشتاء هزم المسؤولين عن الشأن المحلي خلال موسمين متتاليين، فإن الصيف بدوره لم يرحمهم السنة الماضية، عندما أتلفت الحرائق المتعددة في الغابات، المئات من الهكتارات، أمام محدودية وسائل الإغاثة لدى المندوبية السامية للمياه والغابات، التي ظهر أنها لا تتوفر على العدد الكافي من الطائرات المتخصصة في إخماد الحرائق الكبرى، إذا وقعت لا قدر الله. إن الصيف، كما الشتاء، يكشف كل سنة عن هشاشة البنيات التحتية عندنا، وتفضح محدودية بعض شركات البناء، التي تشرف على شق الطرق، وإنجاز القناطر، وتشييد الإقامات السكنية. +++ الفيضانات تُحول شوارع طنجة إلى مسبح مفتوح (خاص)