ميلود بلقاضي، يعترف لمحكمة "المغربية" بأن إجراء انتخابات ذات شفافية ونزاهة وديمقراطية بالمغرب ما زال طويلا وصعبا وشاقا، وتتحمل فيه الأحزاب والمواطن المسؤولية الكبرى.ملف عدد 09/13 الاسم: ميلود النسب: بلقاضي المهنة: أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء وأستاذ بالمعهد العالي للصحافة، حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم السياسية، وخبير دولي في تحليل الخطاب السياسي. الحالة العائلية: متزوج الدكتور ميلود بلقاضي مطلوب أمام محكمة "المغربية" بتهمة: "التنقيص من مجهود الحكومة وأغلب الأحزاب السياسية، والدعوة إلى اعتماد بدائل جديدة في العمل السياسي الحزبي المغربي". صك الاتهام التشكيك في مصداقية ونزاهة كل العمليات الانتخابية منذ انطلاق التاريخ السياسي للمغرب المستقل. عدم الاهتمام بالشأن الحكومي، وطرح تساؤلات تفيد، حسب قوله: هل التعديل الحكومي الأخير احترم معايير التعديل الموضوعي؟ وصف عمل الحكومة الحالية بالضعف، ودعوة المغاربة إلى انتظار سنة 2012 لمحاكمة مجهود الأحزاب المشاركة فيها. هيأة الدفاع ميلود بلقاضي مرضي الوالدين وينطلق في بناء التحليل السياسي من غيرته على المغرب والمغربة. من الأوائل الذين قالوا إن مدونة الانتخابات الجديدة جاءت بايجابيات للعملية الانتخابية، محاولة منها في التقليل من بلقنة الخريطة الانتخابية. يعد بلقاضي من المساهمين في ترشيد العمل الصحفي من خلال دعوته إلى الاشتغال وفق مرجعيات أخلاقية وقانونية وعدم تحول المهنة إلى منابر لتصفية الحسابات الضيقة خدمة لبعض لوبيات المال والسلطة. ميلود بلقاضي، أنت متهم بالتشكيك في اللعبة السياسية المغربية؟ حينما تعطي تقييما تحليليا للجو السياسي العام الذي مرت فيه الانتخابات الجماعية الأخيرة، بماذا ترد على هذا الاتهام؟ إن العمليات الانتخابية بالمغرب بصفة عامة، سواء كانت ذات طابع تشريعي أو محلي، فإنها لا تساير وتيرة الإصلاحات السياسية العامة التي يعرفها المغرب، رغم دعم الترسانة القانونية التي تنظمها بإصلاحات جديدة في مدونة الانتخابات الجديدة. مرد ذلك أن الواقع، الذي كرسته التجارب الانتخابية في المغرب، أثبت بأن دمقرطة الفعل الانتخابي لا يتم بإصدار القوانين فقط، بل لابد أن تواكبه إرادة سياسية قوية من طرف الدولة والأحزاب السياسية الفاعلة والمشاركة في العملية الانتخابية والمواطن، وهذا ما أفرزته الانتخابات الجماعية الأخيرة. ألم تأت الانتخابات الجماعية الأخيرة بأي جديد على مستوى التجربة الديمقراطية المغربية؟ إن كانت هناك نقطة إيجابية تميزت بها هذه الانتخابات، فهي محاولتها التقليل من بلقنة الخريطة الانتخابية، بعد أن فرضت على الأحزاب المتنافسة ضرورة تجاوز عتبة 6 بالمائة، كحد أدنى من أجل الاستفادة من توزيع المقاعد على الصعيد المحلي، وهو ما جعل الصراع يدور بين ثمانية أحزاب بدل 30 حزبا، حيث إن رئاسة الجماعات أو المقاطعات أو عمادات المدن، فاز بها أحد مرشحي الأحزاب الثمانية الأولى، على الخصوص أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي" و"الحركة الشعبية" و"العدالة والتنمية". هذه الميزة التي جاءت بها عتبة ستة بالمائة، هو الذي جعل الأحزاب السالفة الذكر تهيمن كذلك على معترك التنافس السياسي في باقي الانتخابات الأخرى، وهذا جد إيجابي، لأنه حد من البلقنة الحزبية وجعل معالم خريطة حزبية جديدة بدأت تتشكل نتيجة الحضور القوي لحزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يبدو أنه ذاهب نحو ترسيخ القطبية الحزبية في المغرب الحديث. لماذا أنتم معشر الباحثين والمحللين السياسيين تنتصرون للتشكيك في صدقية العمل الحكومي أكثر من توفير مساحات الدعم له من أجل أجرأة مخططاته الحكومية؟ والنموذج على ذلك ما جرى من نقاش سياسي سلبي أثناء عملية التعديل الوزاري الأخير؟ أتحدث هنا بخصوص إجراء تعديل حكومي، فمن الناحية الدستورية، تبقى مسألة إجراء التعديل من عدمه، شأنا ملكيا صرفا. وإضافة إلى ذلك، إن ما يجب أن يناقش اليوم ليس هو التعديل الوزاري في حد ذاته، بل لماذا وكيف تتم عملية إجراء التعديل؟ كسؤال أول، ثم هل يتم التعديل نتيجة أسباب موضوعية تفرضها تطورات المشهد السياسي الوطني أم لأسباب تكتيكية؟ وهل تخضع عملية التعديل الحكومي لتعديل في أسماء الوزراء أو في المؤسسات؟ وأخيرا هل إجراء التعديل الحكومي الأخير احترم معايير التعديل الموضوعي؟ هذه هي الأسئلة الحقيقية التي يجب أن تناقش. ولنأخذ على سبيل المثال حالة مثيرة وقعت في التعديل الحكومي الأخير، الذي دخل بمقتضاه حزب "الحركة الشعبية" إلى الحكومة الحالية، حالة وزير الشباب والرياضة، الذي عين باسم حزب لا علاقة له به، وجاء من خارج قواعد حزب "التجمع الوطني للأحرار". إن المواطن المغربي العادي اليوم، لا تهمه عمليات التعديل الحكومية وتغيير أسماء الوزراء بآخرين، بقدر ما يحتاج إلى حكومة قادرة على تغيير واقعه المعيشي اليومي الصعب. إن المغاربة محتاجون إلى حكومة تنهج سياسة اجتماعية فعلية، تُؤَمّن المواطن من كل أشكال الفقر والتهميش والإهمال، هذا ما يحتاجه المواطن المغربي وما ينتظره من كل عملية سياسية، سواء تعلقت بالعمليات الانتخابية أو بالتشكيلة الحكومية. في الحلقة المقبلة، ميلود بلقاضي يبدي حنينه لمرحلة التناوب سنة 1998 ويصرح بأن المغرب والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فقدوا رمزا مهما في شخص عبد الرحمان اليوسفي، أثناء اعتزاله العمل السياسي داخل الوطن. [email protected]