عرفت بداية السنة التشريعية 2005 2006 انتقال عدد من البرلمانيين بين الفرق البرلمانية في إطار مايسمى بظاهرة النواب الرحل، وتأتي هذا الترحال من فريق نيابي إلى آخر متزامنة مع مصادقة مجلس النواب على الصيغة النهائية لمشروع قانون الأحزاب السياسية، الذي يحظرعلى كل نائب برلماني حظي بدعم حزب لانتخابه تغيير انتمائه السياسي خلال الولاية التي انتخب فيها. ويرجع العديد من المراقبين استفحال هذه الظاهرة إلى ضعف الثقافة السياسية بالمغرب، وإلى هشاشة الجسم الحزبي الوطني. فيما تتجدد المطالبة بمعالجة مختلف الاشكالات التي تعيشها الحياة البرلمانية المغربية ضمن مشروع القانون الانتخابي المزمع تهييئه قبيل انتخابات .2007 وفي هذا الإطار، انتقل عدد برلمانيي الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية برسم السنة التشريعية 2005 ,2006 وفق لوائح الفرق البرلمانية التي تم تقديمها يوم 14 أكتوبر الحالي إلى رئاسة مجلس النواب، إلى60 نائبا برلمانيا. وبذلك يأتي الفريق الاستقلالي في المرتبة الثانية بعد فريق اتحاد الحركات الشعبية، الذي يتوفر على 69 برلمانيا. هذا في الوقت الذي لم يحصل فيه حزب الاستقلال برسم انتخابات 2002 سوى على 48 مقعدا برلمانيا، أي أن الفريق قام باستقطاب 12 برلمانيا خلال ثلاث سنوات. من جانب آخر شهد الفريق الاشتراكي التحاقات نواب من أحزاب أخرى بصفوفه، أبرزها خلال هذه السنة التحاق النائب عن دائرة العيون حسن الدرهم، الذي انتقل إلى الفريق الاشتراكي من الحركة الشعبية. كما عرفت بداية هاته السنة التشريعية عدم انضمام ستة نواب لأي فريق برلماني. وخلال هذه الولاية التشريعية أيضا انتقل نواب الفريق الدستوري الديمقراطي من 22 برلمانيا إلى 27 برلمانيا، فيما تقلص عدد نواب حزب جبهة القوى الديمقراطية إلى 8 نواب، في الوقت الذي كان عددهم عقب اقتراع 27 شتنبر 15 ,2002 نائبا برلمانيا. إن إعادة الاعتبار للعمل الحزبي، يؤكد ميلود بلقاضي، أستاذ الاتصال السياسي بكلية الحقوق بالرباط، لن يتأتى إلا بالعمل على تكريس الديمقراطية داخل المؤسسة الحزبية. وعلى الحزم في تفعيل الأحكام التي تنص على ضرورة التزام الأحزاب السياسية بالمبادئ الديمقراطية، سواء في تنظيمها وتسييرها أو في اختيار مرشحيها وتزكيتهم لمختلف الاستشارات الانتخابية. وأشار بلقاضي إلى أن فلسفة قانون الأحزاب تعكس الحاجة الملحة لتنظيم عقلاني للأحزاب السياسية وتكريس الديمقراطية الداخلية بها، وإعادة الاعتبار للعمل السياسي ووضع حد لظاهرة الانشقاق وترحال النواب من لون سياسي إلى آخر، وتناسل الأحزاب التي ناهز عددها الثلاثين، والتي لا تعرف هويتها وخطها الإيديولوجي إلا عشية إجراء الانتخابات. وقد سبق لمحمد بوزوبع، وزير العدل، في توجه غير مسبوق، أن أعلن سنة 2004 عن تحريك المتابعات القضائية تجاه ما يعرف بظاهرة البرلمانيين الرحل الذين ينتقلون من فريق نيابي الى آخر، وذلك قصد وضع حد لهذه الظاهرة التي أضحت تخلخل المشهد السياسي المغربي وتغير من النتائج الرسمية للانتخابات، سواء التشريعية منها أو الجماعية. وقال بوزوبع «إنه شيء مؤلم أن يحدث وسط البرلمان بيع ورشوة». وأضاف أن هذه الظاهرة المؤلمة انتقلت من الحياة العامة إلى المؤسسة الدستورية التي تقرر في السياسة العامة للدولة، واعتبر ذلك «خيانة يقترفها ممثلو الأمة في حق الناخبين». لكن منذ تصريح وزير العدل أمام مجلس المستشارين لم يتخد أي إجراء لوقف ظاهرة النواب الرحل.