افتتح اتحاد الحركات الشعبية نشاطه السياسي للموسم الجديد يوم السبت الماضي بتنظيم ندوة دراسية بالرباط تمحورت حول موضوع هيكلة الحقل الحزبي والإصلاح السياسي. وقد انقسمت الندوة إلى ثلاثة محاور رصد الأستاذ ميلود بلقاضي وحلل في الأول حضور الإصلاح الحزبي في خطب العرش للملك محمد السادس، وسجل أن خطب ما قبل أحداث 16ماي اكتفت بالإشارة إلى الموضوع بشكل مرن ولبق، فيما كانت خطب ما بعد الأحداث حاسمة وصارمة، وهكذا اعتبر بلقاضي خطاب العرش لسنة 2002 «خطاب مكاشفة» في الإصلاح الحزبي، فيما كان خطاب 2003 خطاب الحسم والنقد للأحزاب، أما خطاب 2004 فكان خطاب تأكيد ومطالبة بإخراج القانون المنظم لتأسيس وعمل الأحزاب السياسية. وأوضح المتحدث نفسه أن المقاربة القانونية لإصلاح الأحزاب ستظل قاصرة ودون جدوى في غياب إرادة سياسية عند كل الأطراف. وافتتح الدكتور محمد ضريف مداخلته في المحور الثاني: علاقة الديني بالسياسي أو الحزبي بطرح عدد من الأسئلة، من قبيل هل هناك مشكل في الأحزاب السياسية أم في العمل السياسي؟ وهل هناك أطراف سياسية وظفت الدين أم أن كل الأحزاب، يسار ويمينا، استغلت الدين بشكل من الأشكال؟ وهل يكفي القانون للحسم في كثير من المشاكل أم لا بد من شروط أولية وحياة سياسية حقيقية؟ وأوضح ضريف أنه ينبغي الانتباه أثناء مناقشة موضوع علاقة الدين بالدولة إلى أن المشكل غير مطروح على مستوى المجتمع، لأنه يدين بالإسلام وثقافته ثقافة إسلامية، ولكنه مطروح على مستوى الدولة أو السلطة التي تشتغل على منظومتين غير منسجمتين، وتتعلق الأولى بالتدبير، وهي علمانية الطابع (العطل، طريقة سير الإدارات اللغة المستعملة القوانين...)، والثانية تتعلق بما سماه بمنظومة التبرير أو الشرعنة، مشيرا إلى أن المنظومة الأولى لا تطرح مشكلا كالذي تطرحه الثانية، بحيث تحصل المفارقة التي تجعل المرء أمام علمانية مع وقف التنفيذ. ودعا ضريف إلى وجوب التمييز بين المجال الديني والمجال السياسي في عمل الأحزاب السياسية، مذكرا بأن مسودة مشروع قانون الأحزاب حكم بخلفيتين: الأولى كانت في ما قبل 16ماي، وتتمثل في التحكم بالأحزاب السياسية، وفي إنتاج النخبة السياسية، والثانية في ما بعد لمنع توظيف الدين. وختم الدكتور ضريف مداخلته بالدعوة إلى توفير تغطية حزبية، لأن الشباب المغربي برأيه غير عازف عن السياسة، ولكن عن الأحزاب التي عزلت نفسها عن الجماهير. من جهة أخرى، دعا الأستاذ الجامعي علي سدجاري، في المحور الثالث الأحزاب السياسية والمواطنة، إلى التأسيس لعلاقة جديدة بين الأحزاب والمواطن تحكمها قيم الشفافية، وحسن التدبير والالتزام، وإلى تبني النهج العقلاني في تدبير الشأن العام، والدفاع عن المصلحة العامة، والارتباط بهموم المجتمع والإنصات له بشكل يقرب المسافة بين الخطاب والممارسة في حركية الفاعلين السياسيين. وأعطى المتحدث في مداخلته وقتا كبيرا لموضوع أهمية النخبة في قيادة المجتمع، وللشروط التي يجب أن تتوفر فيها لتكون قريبة من المواطنين وضميرهم الحي، معتبرا أن دور الدولة يجب أن يقتصر على تصحيح الأخطاء والسهر على احترام القوانين، غير أن بعض المشاركين اعتبروا أن سدجاري أغرق في حديثه عن أهمية دور النخبة لدرجة تجعل المتابع أمام دولة نخبة. وقد أجمع المشاركون في الندوة المذكورة على ضرورة توفير بيئة ملائمة تسمح للأحزاب الوطنية بالاضطلاع بدورها المفترض والمطلوب. محمد عيادي