على بعد 30 كيلومترا فقط من عاصمة الأنوار يحل ظلام الفقر والهشاشة بدوار أولاد طالب الغربية بجماعة سيدي الطيبي التابعة لإقليم القنيطرة، حيث تعيش 600 أسرة الإقصاء والحيف بسبب صعوبة الولوج إلى المياه الصالحة للشرب في ظل موجة الجفاف التي ضربت البلاد وارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية الأساسية، زد على ذلك تداعيات الجائحة التي لازالت تجثم على صدور المواطنين. "نحن نعيش في سلة مهملات بدون قيمة" بهذه الكلمات القاسية بدأ رشيد الحلاق، الذي رأى النور قبل أزيد من أربعين عاما بدوار أولاد طالب، سرد معاناته التي يتقاسمها مع باقي قاطني الدوار المذكور بسبب غياب أبسط مقومات وشروط العيش الكريم، ضعف البنيات التحتية وغياب الإنارة وانتشار مهول لمطارح النفايات وانعدام التشغيل، لكن النقطة التي أفاضت الكأس هي ندرة المياه ومنعهم من الولوج إليها عبر صهريج المياه االموجود وسط دوار أولاد طالب. طلب منا ولوج بيته لتستقبلنا مجموعة من القنينات البلاستيكية من سعة 5 لترات ودلاء لا تحوي قطرة ماء متراكمة بالقرب من باب الحمام، حيث أكد رشيد أنه منذ أزيد من شهر انقطعت الإمدادات بالماء من قبل المكتب الوطني للماء دون سابق إشعار ما جعله "يتسول" هذه المادة الحيوية من الجيران الذين بدورهم يجلبونها من عند أحد المحسنين من ملاك المشاتل بالمنطقة، الذي يكرم أهل الدوار بما جادت به بئره من مصدر الحياة. وأردف الحلاق وهو يحاول دفع دموعه قائلا "نعيش بين قوسين لا نحن من الأحياء ولا نحن من الأموات" وأضاف "إذا كان الماء منبع الحياة فلا حياة لمن تنادي من المسؤولين"، معربا عن تذمره الشديد من تجاهل القائمين على الشأن المحلي لدوار أولاد طالب لمطالب السكان ومنعهم من الاستفادة من مياه الصهريج الموجود وسط الدوار والذي كان يمد جميع المنازل بالمياه طيلة أيام الأسبوع قبل الانقطاع التام بسبب "صراعات سياسية" بين بعض المنتخبين يدفع ثمنها الناخبون الذين منحوا صوتهم لهؤلاء لخدمة الصالح العام، غير أنهم غلبوا منطق المصلحة الشخصية والانتهازية، حسب قوله. وتابع المصدر ذاته في تصريح ل"الصحراء المغربية"، "اكتوينا بما فيه الكفاية ونطلب فقط حلولا عاجلة للحصول على قطرة ماء" داعيا الجهات الوصية إلى التدخل للوقوف على الوضع المزري الذي يعيشه أزيد من 4 آلاف شخص من قاطني الدوار السالف الذكر. وفي الوقت الذي أعطى العاهل المغربي انطلاقة إعادة هيكلة جماعة سيدي الطيبي سنة 2005، من خلال تجهيز البنيات التحتية وربط الدواوير التابعة لها بما فيه دوار أولاد طالب بالكهرباء والماء الصالح للشرب، شهدت هذه العملية تعثرا وتضاربا في المصالح ولم تستكمل بعد إلى غاية اليوم، يشير أحمد الشبيكي، عضو الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام في تصريح ل"الصحراء المغربية"، مضيفا أن هذا الأمر جعل السكان يخرجون عن صمتهم ويصبون جام غضبهم على الجماعة الوصية وتحملها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع خاصة صعوبة الحصول على مياه نقية صالحة للشرب. وفي هذا الصدد أوضح الشبيكي أن الإمدادات بالماء الصالح للشرب عن طريق الصهريج موضوع بيد أحد المنتخبين الذي نصب نفسه مسيرا له بدون أي صفة قانونية وشرع في التحكم بكيفية وتوقيت منح المواطنين حق الاستفادة من مياه الخزان، "انتقاما منهم" بسبب عدم دعمه في الانتخابات الأخيرة، وفقا لتصريحه، كما تمت مطالبة السكان بدفع 30 درهما في الشهر مقابل الاستفادة من المياه لمدة لا تتجاوز ست ساعات في اليوم فقط. وأمام هذا الوضع، أرسل سكان أولاد طالب شكايات عديدة للقائمين على الشأن المحلي بالمنطقة من أجل التدخل والحد من هذا التسيب، غير أن مصيرها كان التجاهل والمماطلة والتسويف، ما زاد من تأجيج الاحتقان في صفوفهم جعلهم ينظمون وقفات احتجاجية أمام صهريج الماء المذكور والتي غالبا ما تنتهي بتدخل أحد المسؤولين وتقديم وعود لا يتم الوفاء بها، فقط لامتصاص غضبهم ودفعهم إلى العودة إلى منازلهم خاويي الوفاض، يؤكد عضو الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام. وتساءل الشبيكي عن مصير ملف إعادة هيكلة جماعة سيدي الطيبي والدواوير التابعة لها والأموال الطائلة التي رصدت لهذا المشروع الذي كان من المفترض أن يكتمل في ظرف عشر سنوات من انطلاقه، غير أن أيادي خفية لا تأبه سوى بالتواطؤ لتعطيل عجلة التقدم بهذه المنطقة، وفقا لتصريحه.