شكلت الوضعية الصعبة التي يعيشها قطاع الصناعة التقليدية وكذلك الظروف الاجتماعية للصناع التقليديين، ضمن برنامج زيارة العمل التي قامت بها فاطمة الزهراء عمور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يومي 13 و14 يناير الجاري، إلى مدينة مراكش، من أجل إطلاق بعض المشاريع والتباحث مع المهنيين حول آفاق إعطاء نفس جديد للجهة لما بعد أزمة "كوفيد 19". وفي هدا الإطار، اطلعت فاطمة الزهراء عمور على أوضاع الصناع التقليديين واستمعت لمطالبهم واحتياجاتهم، في أفق إيجاد حلولا لها خلال البرامج الحكومية المستقبلية، كما توقفت عند الجهود الذي تقوم بها تعاونية "فن النسيج" بجماعة تامصلوحت التي تعتبر أكبر تعاونية في مجال الصناعة التقليدية على المستوى الوطني، والتي كانت تصدر قبل الجائحة 90 في المائة من منتوجاتها للدول الأوروبية وللولايات المتحدةالأمريكية. واستفادت تعاونية "فن النسيج"، التي بدأت سنة 2009، بسبعة أعضاء، من برنامج "مرافقة" لدعم ما بعد التأسيس للتعاونيات المنشأة حديثًا الذي يسهر عليه مكتب تنمية التعاون، وتشغل أزيد من 180 منخرطا 80 في المائة منهم نساء. وفي كلمة ألقتها بالمناسبة، أكدت فاطمة الزهراء عمور، أن قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مدعو للاستلهام من هذا النموذج لتعزيز النمو في التعاونيات وجعلها أكثر كفاءة، مشيرة إلى أن تعاونية "فن النسيج"، التي تمكنت اليوم من تحقيق مبيعات تزيد عن 5 ملايين درهم، تمثل نموذج للنجاح في جهة مراكشآسفي. من جانبه، اعتبر حسن شميس رئيس غرفة الصناعة التقليدية مراكش - آسفي، تعاونية"فن النسيج" نموذج يحتدى به لباقي التعاونيات المنخرطة في مجال الصناعة التقليدية بالجهة، مشيرا إلى عدة برامج مستقبلية سيجري وضعها لفائدة التعاونيات المشتغلة في مجال الصناعة التقليدية بالجهة. وتشكل الصناعة التقليدية جزءا لا يتجزأ من مدينة مراكش ورمزا من رموز أصالتها وحضارتها وشاهدا حيا على عبقرية صناعها التقليديين وما يمتازون به من قدرة على الابتكار والإبداع والخلق. ويقدر عدد الحرفيين بمراكش بحوالي 120 ألف صانع تقليدي ويشكلون 50 في المائة من الساكنة النشيطة بالمدينة، كما أن حوالي 80 في المائة من الصناع المشتغلين لا تتجاوز أعمارهم 40 سنة. وتتمركز أغلب الأنشطة الحرفية بالمدينة العتيقة حيث تتواجد بها 47 في المائة من المحلات المهنية. وتمارس بمراكش مختلف حرف الصناعة التقليدية الفنية والإنتاجية من مصنوعات نباتية وفخار ومعادن ومصنوعات خشبية ومصنوعات جلدية ونسيج وحرف أخرى متعددة يتفنن الصانع التقليدي المراكشي في إنتاجها وإبداعها. من جهة أخرى، حظي الموقع الخاص بتشييد أكبر قصر للمؤتمرات على مساحة تبلغ 48 هكتارا على الصعيد الوطني بطاقة استيعابية تبلغ 10 آلاف مشارك، بزيارة الوزيرة للاطلاع على كافة الشروحات والمعلومات المتعلقة بهذا المشروع، الذي من شأنه المساهمة في تعزيز مكانة المدينة الحمراء في مجال سياحة المؤتمرات وواحدة من المدن العشرة العالمية الرائدة في هذا المجال، باحتضان كبريات التظاهرات الوطنية والدولية. وتبلغ القيمة المالية لانجاز هذا المشروع ذو البعد الدولي، 937 مليون درهم، بشراكة بين مجلس جهة مراكش - آسفي، والشركة المغربية للهندسة السياحية، ووزارات السياحة، والصناعة والتجارة، ووزارة الداخلية، وولاية الجهة، وصندوق الإيداع والتدبير. ويندرج إنجاز هذا المشروع في إطار مخطط التنمية الجهوي لمراكش- آسفي، الذي يتضمن من بين محاوره الإستراتيجية، إرساء منتوج سياحي ذي قيمة مضافة عالية، وذلك، على الخصوص، عبر تطوير قطب لسياحة اللقاءات والمؤتمرات والندوات والعروض، ذي بعدين وطني ودولي. وتخلل برنامج زيارة الوزيرة، مجمع الصناعة التقليدية القريب من ساحة جامع الفناء، الذي يعكس ثقافة الإبداع اليدوي بالمدينة الحمراء، باعتباره ضمن الفضاءات الذي يحتاج إلى ضخ دماء جديدة بعد الركود الذي يعيشه منذ بداية الجائحة، ولكونه من البنيات التحتية الأساسية في المدينة، التي تعنى بترشيد عمل الصناع التقليديين وتوفر لهم فضاء جيدا لتثمين إبداعاتهم التي تزين محلاته ومرافقه الأساسية.