استعادت ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش، عافيتها مع استئناف رواد الحلقة بالساحة التاريخية لنشاطهم الاعتيادي من خلال تقديم عروضهم التي تبرز روح الدعابة والفرجة وإدخال الفرحة والسرور في نفوس زوار هذه المعلمة التاريخية التي صنفتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تراثا شفيها لاماديا للإنسانية. وباستئناف الحلقات لمهامها، استعادت الساحة العجائبية الاستثنائية، التي تستأثر باهتمام أي زائر للمدينة الحمراء سواء المغاربة أو الأجانب، حلتها الأصلية ونشاطها المتمثل بمجموعة من الحلقات التي يؤطرها ثلة من رواد الحلقة العاملين بالساحة، ضمنهم المسيح والحكواتيين وفرقة كناوة وأولاد حماد أوموسى والروايس والحوزي وغيوان الساحة، وكلهم حماس لإعادة البهجة للساحة بعد أن تأثروا كثيرا بجائحة كوفيد19، مما خلف ارتياحا كبيرا لديهم في انتظار تجاوز كل الاكراهات التي حدت من مستوى النشاط الذي تعرفه الساحة. ولقيت الساحة التاريخية إقبالا كثيفا من لدن ساكنة مراكش وزوارها للاستمتاع بمختلف العروض والإبداعات المقدمة والمتنوعة النابعة من عدة تقاليد لقبائل استوطنت المدينة الحمراء وساهمت في تعايش ساكنتها رغم اختلاف لهجاتهم وألوانهم حبا في هذا الوطن الذي يجمعهم، والتي كسرت الهدوء الذي طال الساحة لأزيد من سنة ونصف بسبب جائحة كوفيد 19. وعاد السياح المغاربة والاجانب وساكنة المدينة للاستمتاع بأجواء ساحة جامع الفنا التي افتقدوها لأزيد من سنة ونصف بسبب تداعيات الجائحة، حيث تعرف هذه الساحة التاريخية، حيوية كبيرة على مدى الأسبوع، ايدانا بعودة النشاط التي اعتاد المراكشيون عليه باعتبارها الشريان الأساسي وراء انتعاش مجموعة من القطاعات كالمطاعم التي اعتادت أن تؤثت فضاء هذه الساحة والمحلات التجارية المحيطة بها، حيث تستقبل يوميا عددا كبيرا من زوار المدينة الحمراء وأيضا الوافدين عليها من الأحياء المختلفة الذي ذأبوا على الاستمتاع بأجوائها الحميمية وتذوق مأكولاتها الخفيفة والمتنوعة التي تستهوي زائريها، وذلك في احترام تام لكل التدابير المتخذة من قبل السلطات المعنية. وخلف قرار الحكومة القاضي برفع حظر التجول الليلي في مختلف أنحاء المملكة، آمالا كبيرة للمهنيين العاملين بساحة جامع الفناء وساهم في إعادة الحركة الاقتصادية بها بعد الأزمة الكبيرة التي خلفتها الجائحة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي بسبب الركود التي عرفته الساحة منذ بداية العمل بالتدابير الاحترازية للحد من تفشي الجائحة. وحسب أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، فإن هذه الفئة من الفنانين الشعبيين، التي ساهمت في إشعاع ساحة جامع الفنا وتصنيفها كتراث شفوي لامادي للإنسانية، لا تتوفر على حماية اجتماعية، وتضررت بشكل كبير جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد، مشيرا الى أن المركز انخرط في الجهود التضامنية الرامية إلى مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والحد من تداعياته، حيث بادر إلى توزيع مساعدات تتضمن مختلف المواد الغذائية الأساسية استهدفت رواد الحلقة بساحة جامع الفناء ضمنهم حكواتيون ومنشطو الحلقة. من جانبه، أوضح محمد الكنيدري رئيس جمعية الأطلس الكبير أن مدينة مراكش التي يفوح منها عبق التاريخ وغنى تراثها المادي واللامادي، لا يمكن أن تستقيم الحياة فيها إلا بهرج ومرج ساحتها التاريخية التراثية التي تشكل فضاء مثاليا للتعددية الثقافية. وكان مثقفون مراكشيون أطلقوا نداء من أجل إعادة الاعتبار لساحة جامع الفنا ومؤسسة "الحلقة" باعتبارها روح الساحة وجوهر تفردها وحكمة تصنيفها، دعوا من خلاله أهل مراكش ومحبيها للمشاركة الحية في مشروع استعادة العالم الملحمي للساحة التاريخية لاستلهام بهائها ووظيفتها الجمالية والذوقية فنيا وروحيا واحتفاليا. وأكد النداء أن قضية إحياء ساحة جامع الفناء، وهي صاحبة الفضل على الإنسانية في بزوغ نجم (الاتفاقية الدولية للتراث اللامادي) سنة 2003، قضية ثقافية وطنية لأهل مراكش ولكل المغاربة، ويجب أن تحتل المكانة الرائدة التي تستحق في برامج واهتمامات المؤسسة الوطنية للفنون الشعبية والتراث اللامادي، التي أعلن عن تأسيسها رسميا من طرف وزير الثقافة الأسبق محمد أمين الصبيحي منذ شهر نونبر 2014 بمقر بلدية مراكش.