عاشت ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش، مساء أمس السبت، على إيقاع أجواء احتفالية كسرت الصمت الذي امتد لشهور بسبب وباء كورونا وأعادت الحياة من جديد لهذه الساحة التاريخية والعالمية التي أعلنتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تراثا شفيها لاماديا للإنسانية، وذلك من خلال تنظيم أمسية فنية رمزية رفعت شعار التحدي في وجه الوباء، قدم من خلالها المسيح والحكواتيين وفرقة كناوة وأولاد حماد أوموسى والدقايقية والروايس والحوزي وغيوان الساحة فقرات تنشيطية متنوعة. وتميزت هذه الأمسية الاستثنائية، التي نظمتها جمعية الأطلس الكبير ومركز التنمية لجهة تانسيفت، بمشاركة مجموعة من الأدباء والشعراء كعدنان ياسين ومليكة العاصمي وأحمد طليمات، إضافة إلى نشطاء من المجتمع المدني. وكان لزوار ساحة جامع الفنا فرصة للاحتفاء، طيلة ثلاث ساعات، مع رواد الساحة ونشطائها ورموزها من الحكواتيين والفنانين الشعبيين. وبالمناسبة، أكد أحمد الشهبوني، رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، أن مدينة مراكش تضررت أكثر من غيرها من جائحة "كورونا" عقب إغلاق الحدود الجوية والبرية في وجه السياح الأجانب، في الوقت الذي شهدت الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة بالقطاع السياحي ركودا زاد من حدته تصنيف مدينة مراكش ضمن المنطقة 2 من تخفيف الحجر الصحي. وأضاف الشهبوني في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن فئة الحلايقية من الفنانين الشعبيين، التي ساهمت في إشعاع ساحة جامع الفنا وتصنيفها كتراث شفوي لامادي للإنسانية، لا تتوفر على حماية اجتماعية، وتضررت بشكل كبير جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد. وأشار رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت الى أن الهدف من تنظيم هذا الحفل الرمزي هو التضامن مع نشطاء الساحة ودعمهم ماديا، وفي نفس الوقت رسالة لبعث الأمل وإعادة الحياة لهذه الساحة العجائبية الاستثنائية، التي تستأثر باهتمام أي زائر للمدينة الحمراء سواء المغاربة أو الأجانب. من جانبه، أوضح محمد الكنيدري رئيس جمعية الأطلس الكبير أن مدينة مراكش التي يفوح منها عبق التاريخ وغنى تراثها المادي واللامادي، لا يمكن أن تستقيم الحياة فيها إلا بهرج ومرج ساحتها التاريخية الترااتية التي تشكل فضاء مثاليا للتعددية الثقافية. وأضاف الكنيدري أن هذه الأمسية الفنية الاستثنائية المنظمة بمبادرة من جمعية الأطلس الكبير ومركز التنمية لجهة تانسيفت تحت إشراف ولاية جهة مراكش والمجالس المنتخبة، ترمز إلى إعادة إحياء هذه الساحة التاريخية والاستمرار في نشاطها، مؤكدا أن هذا الاحتفال الرمزي في هذه الظرفية الاستتنائية نريد أن نبين من خلاله للجميع أن ساحة جامع الفنا لازالت نشيطة وستبقى حية إلى أن يرت الله الأرض ومن عليها. بدوره، أكد محمد بوعابد أستاد باحث في الثقافة المغربية، أن الهشاشة برزت بشكل قوي سواء على مستوى ساحة جامع الفنا والأسواق المحيطة بها أو على المستوى المعيشي للإنسان المراكشي، وأن هناك حاجة للمساندة المادية والمعنوية. وأشار إلى أن تنظيم هذه التظاهرة الفنية الغاية منها دعم صناع الفرجة بساحة جامع الفنا ماديا، وتقديم نداءات التحسيس من طرف أطباء لساكنة مراكش بخصوص فيروس كورونا وكفية الحد من انتشاره والوقاية منه.