خلصت الاجتماعات المتتالية التي باشرتها لجنة مختلطة مكونة من السلطات المحلية وممثلي وزارة الصحة والثقافة وفناني ساحة جامع الفنا، منذ بداية الأسبوع الجاري، إلى السماح لرواد الحلقة باستئناف أنشطتهم، ابتداء من يوم الجمعة، لبعث الأمل وإعادة الحياة لهذه الساحة العجائبية الاستثنائية، التي تستأثر باهتمام أي زائر للمدينة الحمراء سواء المغاربة أو الأجانب، وبالتالي عودة الحياة من جديد لهذه الساحة التاريخية والعالمية التي أعلنتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تراثا شفيها لاماديا للإنسانية. وسيكون الفنانون ورواد الحلقة العاملين بساحة جامع الفنا، ضمنهم المسيح والحكواتيين وفرقة كناوة وأولاد حماد أوموسى والروايس والحوزي وغيوان الساحة، انطلاقا من نهاية الأسبوع الجاري، على موعد لتقديم إبداعاتهم وتكسير الهدوء الذي طال الساحة لعدة أشهر متتالية بسبب جائحة كوفيد 19، مما خلف ارتياحا كبيرا لديهم في انتظار تجاوز كل الاكراهات التي حدت من مستوى النشاط الذي تعرفه الساحة. وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصحراء المغربية"، فإنه جرى الاتفاق على طريقة الاشتغال تتمثل في تناوب "الحلايقية" على الساحة وعدم الاشتغال في نفس الوقت للحد من الاكتظاظ، والتحكم في عدد المتفرجين. وأضافت المصادر نفسها، أن رواد الحلقة وفناني ساحة جامع الفنا والعاملين بها مدعوون للالتزام الكامل والتقيد الصارم بكافة التدابير الاحترازية المعلن عنها من تباعد جسدي وقواعد النظافة العامة وإلزامية ارتداء الكمامات الواقية. وحسب أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، فإن هذه الفئة من الفنانين الشعبيين، التي ساهمت في إشعاع ساحة جامع الفنا وتصنيفها كتراث شفوي لامادي للإنسانية، لا تتوفر على حماية اجتماعية، وتضررت بشكل كبير جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد، مشيرا الى أن المركز انخرط في الجهود التضامنية الرامية إلى مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) والحد من تداعياته، حيث بادر إلى توزيع مساعدات تتضمن مختلف المواد الغذائية الأساسية استهدفت رواد الحلقة بساحة جامع الفناء ضمنهم حكواتيون ومنشطو الحلقة. من جانبه، أوضح محمد الكنيدري رئيس جمعية الأطلس الكبير أن مدينة مراكش التي يفوح منها عبق التاريخ وغنى تراثها المادي واللامادي، لا يمكن أن تستقيم الحياة فيها إلا بهرج ومرج ساحتها التاريخية التراثية التي تشكل فضاء مثاليا للتعددية الثقافية. وكان مثقفون مراكشيون أطلقوا نداء من أجل إعادة الاعتبار لساحة جامع الفنا ومؤسسة "الحلقة" باعتبارها روح الساحة وجوهر تفردها وحكمة تصنيفها، دعوا من خلاله أهل مراكش ومحبيها للمشاركة الحية في مشروع استعادة العالم الملحمي للساحة التاريخية لاستلهام بهائها ووظيفتها الجمالية والذوقية فنيا وروحيا واحتفاليا. وأكد النداء أن قضية إحياء ساحة جامع الفناء، وهي صاحبة الفضل على الإنسانية في بزوغ نجم (الاتفاقية الدولية للتراث اللامادي) سنة 2003، قضية ثقافية وطنية لأهل مراكش ولكل المغاربة، ويجب أن تحتل المكانة الرائدة التي تستحق في برامج واهتمامات المؤسسة الوطنية للفنون الشعبية والتراث اللامادي، التي أعلن عن تأسيسها رسميا من طرف وزير الثقافة الأسبق محمد أمين الصبيحي منذ شهر نونبر 2014 بمقر بلدية مراكش. من جهة أخرى، خلف قرار الحكومة القاضي بتقليص فترة حظر التجول وتأخير الإغلاق إلى حدود الساعة الحادية عشرة ليلا بعد انصرام شهر رمضان، آمالا كبيرة للمهنيين العاملين بساحة جامع الفناء وساهم في إعادة الحركة الاقتصادية بها بعد الأزمة الكبيرة التي خلفتها جائحة فيروس كورونا سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي بسبب الركود التي عرفته الساحة منذ بداية العمل بالتدابير الاحترازية للحد من تفشي الجائحة. وبفضل هذا القرار، عاد السياح وساكنة المدينة للاستمتاع بأجواء ساحة جامع الفنا التي افتقدوها لأزيد من سنة ونصف بسبب تداعيات الجائحة، حيث تعرف هذه الساحة التاريخية، حيوية كبيرة على مدى الأسبوع، ايدانا بعودة النشاط التي اعتاد المراكشيون عليه باعتبارها الشريان الأساسي وراء انتعاش مجموعة من القطاعات كالمطاعم التي اعتادت أن تؤثت فضاء هذه الساحة والمحلات التجارية المحيطة بها، حيث تستقبل يوميا عددا كبيرا من زوار المدينة الحمراء وأيضا الوافدين عليها من الأحياء المختلفة الذي ذأبوا على الاستمتاع بأجوائها الحميمية وتذوق مأكولاتها الخفيفة والمتنوعة التي تستهوي زائريها، وذلك في احترام تام لكل التدابير المتخذة من قبل السلطات المعنية. ولم يكن استئناف المطاعم المتنقلة بساحة جامع الفنا لأنشطتها بالأمر الهين في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، حيث يستلزم تدابير استباقية مهمة لضمان مرور العملية في ظروف آمنة. وحفز انتعاش الحركة الاقتصادية بساحة جامع الفنا مجموعة من المهتمين بالشأن الاقتصادي على التفاؤل بتعافي الاقتصاد المحلي بنهاية السنة الجارية، والانطلاق نحو حياة طبيعية في السنة المقبلة، مع تنامي حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، وارتفاع مستوى الوعي الصحي لدى الناس.