تعيش ساحة جامع الفنا القلب النابض لمراكش والأكثر شهرة في العالم، في ظل جائحة كوفيد-19، أجواء استثنائية وسكونا لم تشهد من قبل على مدى تاريخها، خلال شهر رمضان المبارك الذي يصادف للسنة الثانية على التوالي جائحة فيروس كورونا. وفرضت حالة الطوارئ الصحية بسبب أزمة فيروس كورونا، على الساحة التاريخية سكونا اضطراريا وعلى المحلات التجارية بالأسواق المحيطة بالساحة إغلاقا شبه تام في وقت كانت فيه الساحة التاريخية المصنفة تراثا شفويا عالميا من قبل منظمة اليونسكو، تسجل رواجا استثنائيا خلال هذا الشهر المبارك. تجار مصنوعات الصناعة التقليدية، تعبوا من الانتظار يفتحون محلاتهم التجارية من أجل نفض الغبار على المعروضات والهرب من الملل داخل البيوت ومتطلبات الأسر التي تزداد نفقتها خلال شهر رمضان، ومع اشراقة كل صباح يتطلعون لأن تنجلي الجائحة ويعانقون الزبناء من جديد وتعود الحركة التجارية إلى سابق عهدها. خلال جولة قامت بها "الصحراء المغربية" في ساحة جامع الفنا وسوق السمارين وعدد من أسواق المدينة العتيقة، تبين بالملموس الركود الذي يعانيه التجار والصناع التقليديون، محلات مملوءة بمنتوجات أبدعتها أنامل الصانع المراكشي التقليدي تنتظر تخفيف الحظر المفروض على عملية التنقل بين المدن المغربية لاستعادة هذه الأسواق لنشاطها التجاري المعهود. وفي الوقت الذي بدأت الحياة تدب من جديد في ساحة جامع الفناء، من خلال فتح بعض المحلات التجارية ومعارض منتجات الصناعة التقليدية أبوابها أمام الزائرين، مع التقيد الصارم بقواعد التباعد الجسدي، وبالتدابير التي أقرتها السلطات المحلية، غير أن المعاملات بقيت في حدود دنيا بسب قلة المتبضعين، حيث يشتكي التجار من غياب الرواج التجاري ومعاناتهم جراء التداعيات السلبية لجائحة كوفيد-19. وأوضح كظاظ هشام نائب رئيس جمعية تجار وحرفيين سوق الجديد بساحة جامع الفناء، أن طعم الحياة بساحة جامع الفناء القلب النابض لمراكش، تغير بعد فقدانها روادها الذين تفرقوا مبتعدين عن بعضهم حتى لا يتحولوا إلى مطية لانتشار الفيروس المستجد. وأضاف كظاظ في حديث ل "الصحراء المغربية" وكله أمل أن تعج ساحة جامع الفناء بزوار من مختلف مناطق المغرب قريبا، أن ساحة جامع الفنا والاسواق المحيطة بها تعيش ظروفا صعبة فرضها فيروس كورونا الذي أربك كل الحسابات وألقي بثقله على العيش اليومي لفئة عريضة من المواطنين من ضمنهم تجار ساحة جامع الفنا وفنانوها الذين ينتظرون الفرج للعودة لاستئناف نشاطهم في هذه الساحة العريقة والساحرة. وأشار إلى أن السياحة الداخلية هي صمام الأمان، ويتعين على الفاعلين السياحيين اليوم الاهتمام بالسياح الداخليين لضمان إقلاع الاقتصاد وانتعاش الصناعة السياحية، والحرص على استدامة هذا الإقلاع في المستقبل. من جانبه، أكد أيت حجوب خالد صانع تقليدي أن مدينة مراكش تعتبر وجهة سياحية ما يجعل نسبة كبيرة من ساكنتها مرتبطة بالقطاع السياحي بشكل مباشر او غير مباشر، خاصة قطاع الصناعة التقليدية الذي يعد أحد المكونات الأساسية للاقتصاد المحلي بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي، مما نتج عنه توقف شبه تام لعدد من الوظائف في انتظار عودة المدينة الحمراء إلى نشاطها وتوهجها السابق حتى تنتعش مختلف القطاعات. وكانت ساحة جامع الفنا مع حلول شهر رمضان، تأخذ بعدا آخر يتمثل في الجانب التضامني أكثر ما هو ثقافي وفرجوي كما اعتاد عليه زوارها خلال الفترات الأخرى من السنة، إلا أن التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا، والشلل التام الذي أصيب القطاع السياحي بالمدينة الحمراء، غير طعم الحياة بساحة جامع الفناء العالمية، فأغلقت مقاهيها ومطاعمها الشهيرة التي صارت تحتل أغلب أجزائها، واختفى حكواتيوها ومنشطو حلقاتها، فتبخرت معهم الحكاية والأغنية وعوضتها شكاوى الكساد التي يتبادلها أرباب المحلات التجارية المحيطة بالساحة التي كانت تتعيش من تفاني السياح الأجانب في الاستمتاع بمباهج الساحة، كما أدى إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية على جل الفئات التي تعيش من عائدات الأنشطة المزاولة بالساحة.