واعتبرت الهيئات أن إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز في شكل "سلطة تتمتع بصلاحيات واسعة تشمل الحماية والرصد والتتبع والاقتراح والنهوض بحقوق النساء، متماشية مع مبادئ باريس، وتتوفر على آليات تمكنها من التأثير على التوجه العام للسياسات العمومية في قضايا المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وحده كفيل بأن يجعلها تضلع بأدوارها الدستورية". كما تساءلت الهيئات الممثلة في التحالفات والشبكات والجمعيات النسائية والحقوقية والأمازيغية والتنموية الديمقراطية، أمس الثلاثاء بالرباط، خلال لقاء مع الصحافة لتقديم ملاحظاتها بشأن مشروع القانون 14 .79 المتعلق بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ما "إذا كانت هناك نية مبيتة في تغييب بعض المجالس الدستورية في تأليف الهيئة"، مؤكدة أن "مذكرات المجتمع المدني لم تأخذ بعين الاعتبار في هذا المشروع، الذي يختزل الهيئة في 20 نصا بدل 46، التي اقترحتها جمعيات المجتمع المدني". وذكرت هذه الهيئات الحقوقية والتنموية أنها تتابع النقاش الدائر حول مشروع هذا القانون، من منطلق استمرارها في الانخراط الجدي في دينامية إحداث هذه الهيئة، منذ إصدار دستور 2011، إلا أنها استنكرت، بعد اطلاعها على المسودة الأولى والمشروع الحالي ومتابعاتها لمختلف مراحله، "هيمنة الوزارة الوصية ومحاولاتها التأثير على النقاشات وتوجيهها في اتجاه الإبقاء على مشروع القانون، دون تجاوب مع مطالب الحركة النسائية الديمقراطية، باعتبارها جزءا من مجتمع مدني حظيت أدواره باعتراف دستوري". كما عبرت عن استغرابها من وضع المشروع لدى لجنة القطاعات الاجتماعية بدل لجنة العدل والتشريعات وحقوق الإنسان ضدا على المادة 55 من القانون الداخلي للبرلمان، الذي يسند لهذه اللجنة المهام المتعلقة بحقوق الإنسان، معبرة عن قلقها بشأن "إفراغ مشروع الهيئة من صلاحيات المؤسسات الوطنية المتضمنة ضمن مبادئ باريس، وتقييد أدوارها واختزال مهامها في آلية استشارية مجردة من ضمانات الاستقلالية". وأضافت أن النقاشات والحوارات بين مختلف الأطراف والمؤسسات يتعين أن تشرك الجمعيات النسائية الديمقراطية، وأن تحرص على إدخال المقترحات التالية في مشروع قانون "هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز" كي يعكس روح الدستور ويحترم المبادئ الدولية المؤطرة للمؤسسات الوطنية، قبل عرضه على البرلمان بغرفتيه. وشددت الهيئات على تأطير المشروع بديباجة تستند إلى المرجعية الكونية للحقوق الإنسانية للنساء، التي نص الدستور على سموها، والتأكيد على منطلقات الهيئة وأهدافها وأدوارها في تتبع السياسات العمومية والقوانين، وفي محاربة التمييز، والسهر على تحقيق المناصفة وعلى وضع التدابير الإيجابية، مطالبة بوضع ضمانات لاستقلالية الهيئة وتمتيعها بالشخصية الاعتبارية وتقوية أدوارها، باعتبارها ذات ولاية خاصة. وألحت على تحديد تعريفات دقيقة لمفاهيم أساسية ومؤسسة لعمل الهيئة بمشروع القانون، من قبيل " المساواة "، و"التمييز"، و"المناصفة"، و"تكافؤ الفرص"، و"النوع الاجتماعي"، مشددة على ضرورة النص على صلاحيات الهيئة ومهامها الخاصة ووضعها، باعتبارها "سلطة" مختصة في السهر على الحماية وتكافؤ الفرص ومحاربة التمييز ورصد الخروقات، وفي تتبع السياسات والقوانين والاستراتيجيات، ومختلف المشاريع التي تعنى بالمرأة أو تكون معنية بها، وفي استقبال الشكايات وإحالتها وتتبعها، أو اتخاذ قرارات بخصوصها تبعا لدورها الشبه قضائي، وفي إثراء النقاش العمومي وتعزيز التعاون مع باقي المؤسسات، وفي إصدار التوصيات ومتابعة مآلها. كما دعت الهيئات الحقوقية والتنموية إلى ضمان تشكيلة محدودة وقوية ومستقلة تعتمد معايير الكفاءة والخبرة والتخصص في النوع الاجتماعي، والفعالية والاستقلالية، بعيدا عن "منطق التمثيلية والتراضيات السياسية أو الخلفيات الإيديولوجية"، مطالبة باستحضار مقاربة العدالة اللغوية في وضع مشروع القانون.