بعدتغييب مختلف الآراء والمقترحات المقدمة دعت مجموعة من الشبكات والتحالفات وهيئات المجتمع المدني، والتي تضم مكونات الحركة النسائية والحقوقية ومجموعة من الجمعيات، اللجنة الوزارية التي كلفت بمهمة دراسة وإدراج التعديلات والملاحظات التي قدمت من قبل الوزراء أثناء مجلس الحكومة بشأن مشروع القانون 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، إلى مراجعة جذرية لنص هذا المشروع بحيث يتم احترام مبادئ باريس الناظمة لعمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وكذا احترام الآراء والمقترحات الصادرة عن مختلف الأطراف بشأن الهيئة والصلاحيات المخولة لها وتركيبتها في انسجام مع روح ومنطوق دستور 2011 . وفي هذا الصدد، اقترحت مجموعة الشبكات والتحالفات وهيئات المجتمع المدني التي أصدرت بيانا تضمن انتقادات حادة بشأن مشروع القانون سالف الذكر في صيغته الحالية الصيغة التي جاء بها مشروع القانون السالف الذكر، والذي توصلت الجريدة بنسخة منه، إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز في شكل "سلطة" تتمتع بصلاحيات واسعة تشمل الحماية والرصد والتتبع والاقتراح والنهوض بحقوق النساء، متماشية مع مبادئ باريس وتتوفر على آليات تُمكنها من التأثير على التوجه العام للسياسات العمومية في قضايا المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ، بحيث يمكنها أن تضطلع بأدوارها الدستورية، و تكون آلية فعلية وفعالة أو لا تكون إذا كان الأمر غير ذلك. ومن الانتقادات أو المؤاخذات التي وجهتها مكونات المجتمع المدني بمختلف أطيافه اتجاه نص هذا المشروع ، هي أنها اعتبرت أن "القانون" لم يأخذ بعين الاعتبار مختلف الآراء والمقترحات التي قدمتها اللجنة العلمية والمؤسسات الوطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني الناتجة عن مسار عمل دام أزيد من سنيتين، مشيرة أن الأمر بمثابة هدر للجهود وللمال العام، خاصة وأن المقتضيات التي حملها المشروع تعطل دور هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ويفرغها من صلاحياتها المنصوص عليها في الفصلين 19 و164 من الدستور. واقترحت الشبكات وهيئات الحركة النسائية والمجتمع المدني والحقوقي، التي ثمنت واعتبرت أمرا إيجابيا تقييد المصادقة النهائية على المشروع بالامتثال للملاحظات المقدمة أثناء تدارسه من طرف المجلس الحكومي، منها أساسا احترام مبادئ باريس الناظمة لعمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض ،"اقترحت" أن يتم من ناحية الشكل تصدير المشروع بديباجة مؤطرة للمنطلقات والأهداف المتوخاة من الهيئة كما هي منصوص عليها في الدستور، و إدراج تعاريف تحدد مفاهيم التمييز والمناصفة والمساواة كما هو متعارف عليها كونيا، هذا مع اعتماد لغة تحيل باستمرار على النساء والرجال وتتوخى الدقة والوضوح لضمان احترام وتطبيق مقتضيات القانون. فيما في الجانب المتعلق بالمضمون، أكدت فيما يرتبط بالصلاحيات والاختصاصات الموكولة للهيئة بأنه ينبغي أن تتوفر على صلاحيات شبه قضائية تمكنها من تلقي الشكايات والقيام بالزيارات في حالة انتهاكات لمبدأ المناصفة والمساواة بين الجنسين، وأن تتمتع بالحق في الإحالة الذاتية، إضافة إلى صلاحيات "إبداء الرأي" و"تقديم المقترحات" و"التوصيات"، واختصاصات الرصد والتتبع والاختصاصات التواصلية والتحسيسية. وفيما يخص تأليف الهيئة، فقد شددت هيئات المجتمع المدني على توفر أعضائها على معايير الخبرة والكفاءة والاستقلالية ، إذ اعتبرت أن نجاح الهيئة في اضطلاعها بمهامها يرتبط بتعيين فريق عمل دائم ومحدود مختص في قضايا المساواة والمناصفة، تتوفر فيه معايير الخبرة والكفاءة والنجاعة والاستقلالية التامة ويتمتع بصلاحيات تقريرية واسعة وليس اعتماد معيار التمثيلية المقترح في المشروع الحالي والذي من شأنه أن يعطل عمل الهيئة ويمس باستقلاليتها وحيادها.