لفتت تقنية الزرع المباشرة الأنظار في هذه الفترة، وذلك بفضل نتائج عمليات الحصاد بالمناطق التي طبقت فيها هذه الطريقة. وأجمع عدد من الفلاحين أن هذه الطريقة ستغير ملامح زراعة الحبوب، من منطلق مردوديتها الموثوقة، وحفاظها على التربة، وتحملها للتغيرات المناخية. الجليل كرومي، رئيس تعاونية "خير تامضروست: هذه التقنية ستغير المعطى التقليدي المتمثل في أن نجاح المردودية يبقى رهينا بكمية التساقطات المطرية
ولملامسة حقيقة هذه التجربة عن قرب، أجرت "الصحراء المغربية" اتصالا هاتفيا بعبد الجليل كرومي، رئيس تعاونية "خير تامضروست" بمنطقة المزامزة بإقليمسطات، أكد هذا الأخير من خلالها أن هذه التقنية ستغير المعطى التقليدي المتمثل في أن نجاح المردودية يبقى رهينا بكمية التساقطات المطرية، معتبرا أنه خاض غمار تجربة الزرع المباشر في الموسم الفلاحي 2017 2018، مع مكتب الاستشارة الفلاحية والبحث الزراعي، حيث مكنت هذه العملية آنذاك من تحقيق إنتاج زراعي فاق التوقعات، موضحا أن مردودية القنطار الواحد من الحبوب بلغت حينها سقف 72 قنطار بالمزامزة الجنوبية. وعقب هذه الفترة وبفضل الإنتاجية التي تم التوصل إليها، قرر عبد الجليل كرومي، حسب قوله، التمسك بهذه التقنية، إلا أنه أبرز أن آلة الزرع المباشر لم تكن متوفرة للفلاحين الراغبين في التحول لهذه الطريقة. وقال "خلال هذا الموسم الفلاحي وضع برنامج المثمر للزرع المباشر رهن إشارتنا هذه الآلة، وتم زرع 380 هكتار، والحمد لله ورغم وطأة الجفاف كانت النتيجة لا بأس بها، مقارنة مع الحرث العتيادي الذي لجأ معظم الذين قاموا به إلى استغلاله لرعي الماشية بفعل عدم اكتمال نموه نتيجة ندرة التساقطات المطرية"، وأفاد أن ما بين 90 إلى 100 في المائة من مزارعي هذه المنطقة سيتحولون إلى عملية الزرع المباشر خلال الموسم الفلاحي المقبل". يشار إلى أن عملية الزرع المباشر شملت 1000 هكتار بإقليمسطات خلال الموسم الفلاحي الجاري، بشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ومكتب الإرشاد الفلاحي والتعاونيات الفلاحية.
مختار التابت فلاح بجماعة المزامزة الجنوبية: مزايا هذه التقنية مذهلة وتأثيرها إيجابي على زراعة الحبوب
مختار التابت فلاح بجماعة المزامزة الجنوبية، تحدث من جانبه عن مزايا هذه التقنية وتأثيرها الإيجابي على زراعة الحبوب، حيث تطرق إلى هذه التجربة وإمكانية الولوج إليها ويسرها. وقال "كنت أسمع عن الزرع المباشر، ولكن عندما التقيت بفريق المثمر واستفدت من التكوينات اللازمة قررت تبني هذه التقنية واتباع الإرشادات التي حصلت عليها، وبالفعل سارت الأمور على ما يرام، حيث استعملت الكميات المناسبة من البذور والسماد، وفي النهاية أنا مقبل على الحصاد، وكل المؤشرات واعدة، ومقارنة مع الحرث الاعتيادي، والفرق واضح". ويبدو جليا، أنه في مواجهة تغير المناخ وندرة هطول الأمطار، أصبح من الضروري النظر إلى نماذج الانتقال الزراعي والإيكولوجي في المجالات الترابية للزراعة التي يمكن أن تزيد من تدابير التكيف المتنوعة والمتكاملة. وفي هذا السياق، أطلقت OCP بشراكة مع وزارة الفلاحة، عرض الزرع المباشر الجديد في أكتوبر 2019 بمساعدة العديد من الجمعيات والتعاونيات الزراعية على المستوى الوطني. وتعتبر هذه المبادرة جزء من جهود OCP للمساعدة في تعزيز التدابير لتكييف الزراعة المغربية مع تغير المناخ من خلال التنمية الزراعية المرنة. وتتمثل تركيبة البذر المباشر أحد أعمدة الزراعة المحافظة على البيئة، في استخدام بذور مناسبة بدون حرث، وبالتالي الحفاظ على التربة ومخزون المياه والمساهمة في تطوير الحياة العضوية في التربة. ويذكر أن هذه التقنية تم إدخالها وتقديمها من قبل العديد من المؤسسات والشركاء الوطنيين، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببن جرير، وINRA، ويتبين أن الهدف من مبادرة المثمر من خلال برنامج الزرع المباشر هو دعم هذا الزخم بشكل كبير، وبالتالي تسريع تبني الزرع المباشر على المستوى الوطني كأداة رئيسية لنموذج التحول الزراعي الإيكولوجي الجديد للفلاحة في بلادنا.
حنان معديد، مهندسة فلاحية ببرنامج المثمر ل "ocp": النتائج التي حققتها تجربة الزرع المباشر للحبوب والقطاني برسم الموسم الفلاحي الجاري "الواعدة "
ووصفت حنان معديد، مهندسة فلاحية ببرنامج المثمر ل "ocp"، أن النتائج التي حققتها تجربة الزرع المباشر للحبوب والقطاني برسم الموسم الفلاحي الجاري ب"الواعدة جدا". وأضافت معديد في تصريح هاتفي ل "الصحراء المغربية"، قائلة "إن البيانات المستخلصة من عملية الحصاد التي تمت خلال هذه الموسم الفلاحي بإقليمالسطات، وهي المنطقة التي أشرفت على تتبع مسارات تجربة الزرع المباشر، مكنت من إظهار نجاعة هذا النموذج الزراعي في مواجهة التقلبات المناخية، حيث تتبعت مراحل هذه العملية بثلاث تعاونيات فلاحية بالمزامزة بسطات، التي شملت أراضي منخرطيها عملية الزرع المباشر على مساحة 380 هكتار، والتي تم في جزء منها إقامة منصات تطبيقية لتوضيح مراحل وكيفيات الزرع بهذه الطريقة". وبخصوص المردودية الفلاحية، أكدت المعطيات التي توصلت إليها "الصحراء المغربية" أن نسبتها تراوحت بين 5 و10 قنطارات بالهكتار الواحد، في حين أن زراعة الحبوب الاعتيادية لم تحقق سوى نتائج هزيلة بالنظر إلى شبح الجفاف الذي خيم هذا السنة على القطاع الفلاحي. وأكد فاعلون في زراعة الحبوب بإقليمالسطات، أن جل المزارعين بهذه المنطقة اقتنعوا بجدوى هذه التقنية، مؤكدين انتقالهم إليها برسم الموسم الفلاحي المقبل، مبرزين أن برنامج المثمر للزرع المباشر سيعمل على مساعدة الراغبين في هذا التحول ومضاعفة المساحات المزروعة بهذه الكيفية من خلال المواكبة ووضع آلات إضافة للزرع المباشر رهن إشارتهم. وبخصوص هذه التقنية الواعدة، أشار هؤلاء إلى أنها طريقة تعتمد البذر المباشر دون حرث للأرض، وهي عملية تؤمن حفاظ التربة على رطوبة مياهها ولا تضيع المواد العضوية بها، واشاروا إلى أن تكلفة تتقلص بفضل وضع البذور والأسمدة في وقت واحد، حيث لا يلجأ المزارع إلى الحرث وما يكلف من مصاريف تم وضع الأسمدة في وقت لاحق.
الخابر التهامي، رئيس تعاونية "تومي": هذه الخطوة التي ترسم معالم مستقبل واضح وواعد مهما كانت الظروف المناخية
الخابر التهامي، رئيس تعاونية "تومي"، أكد بدوره أنه وفي إطار المواكبة الدائمة لآلية المثمر بإقليم أسفي، أتيحت هذا الموسم الفلاحي لتعاونيته التي يبلغ عدد منخرطيها 50 عضوا 8 نساء و42 رجلا، فرصة تجربة تقنية الزرع المباشر والانخراط فيها وهي الطريقة التي أبرز أنه علم بشأنها من خلال وسائل الإعلام. وصرح الخابر، أن آلية المثمر وقبل بداية الموسم الزراعي الحالي، وضعت رهن إشارة التعاونية (تومي) بذارة الزرع المباشر بالإضافة الى مجموعة من الدورات التكوينية التي مكنت الأعضاء في تلقي الشرح المفصل من طرف المهندسين الزراعيين بآلية المثمر. وأردف موضحا أن التكوين الذي حظوا به تعلق بمجموعة من المواضيع المرتبطة بطرق إنجاح هذه المنظومة الزراعية، وكذا طرق التعامل مع آلة الزرع المباشر. وأشار الخابر التهامي في ذات التصريح، أن هذه الخطوة التي ترسم معالم مستقبل واضح وواعد مهما كانت الظروف المناخية، أكدت مزاياها رغم شح الأمطار خلال هذا الموسم الفلاحي، حيث كانت المردودية تدعو إلى الاطمئنان، كونها بلغت سقف 8 قنطارات في الهكتار الواحد، وأبرز أن جودة حبات القمح كانت بدورها جيدة، مقارنة مع منتوج الاستغلاليات الفلاحية التي اعتمدت الحرث الاعتيادي. وأعلن رئيس تعاونية "تومي" الفلاحية، أن هذه التجربة لقيت استحسانا واسعا بين الفلاحين، الذين شددوا على الانخراط فيها برسم الموسم الفلاحي المقبل. واستفاد من برنامج المثمر للزرع المباشر ذو البعد الوطني في مرحلته الأولى التي يغطي أكثر من 18 إقليم وأكثر من 10000 هكتار، أكثر من 2000 مزارع ، وأزيد من 76 جماعة ترابية في 18 إقليم.، وأكثر من 10000 هكتار من المساحة المزروعة بأكثر من 95 في المائة من الحبوب والبقية مقسمة بين البقوليات (4 في المائة) والبذور الزيتية (بذور اللفت والكتان) 1 في المائة، مع إتاحة 35 آلة للزرع المباشر للتعاونيات والجمعيات الزراعية، وتنظيم 600 منصة عرض مخصصة. وتشمل خارطة برنامج المثمر للزرع المباشر، كلا من العرائش، ووزان، وسيدي قاسم، والخميسات، وتطوان، وخريبكة، ومكناس، وتازة، والحاجب، وصفرو، وخنيفرة، وسطات، وسيدي بنور، والجديدة، والرحامنة، وآسفي. تم تصميم وتنفيذ برنامج المثمر للزرع المباشر كجزء من نهج تشاركي يجمع بين العديد من الفاعلين: الجمعيات والتعاونيات، والخبراء العلميين ، وخبراء الزراعة المحافظة على الموارد، والصناعيين، وتم وضع آلات الزرع المباشر تحت تصرف التعاونيات المسئولة عن نشر البرنامج حسب المواصفات الموضوعة وبالتنسيق مع المهندسين الزراعيين للمثمر. أثرت هذه الديناميكية بشكل إيجابي على علاقة "الاستغلاليات الفلاحية" و"المجتمع" وحفزت اتخاذ القرار الجماعي. النتائج المسجلة حتى الآن وفي هذه الأوقات من ندرة هطول الأمطار على مستوى منصات البذر المباشر واعدة مقارنة بالمناطق المزروعة بالطرق التقليدية والتي تتبع نفس المسار الفني وتوفر نفس المدخلات، حيث تحسن المعدل الصافي بنسبة 12 في المائة في المتوسط على المستوى الوطني، وتخفيض تكاليف إعداد التربة ب 900 إلى 1200 درهم / هكتار أو أكثر من 80 في المائة من التكلفة الإجمالية المخصصة لحرث التربة وإعداد البذر. هذا إلى جانب تخفيض تكاليف البذور ب 100 إلى 130 درهم / هكتار أو 30 إلى 35 في المائة، ناهيك عن الحد من فقد المياه عن طريق التبخر واستخدام احتياطي مياه التربة بشكل أفضل. تم إطلاق برنامج المثمر في 2018، وهو عرض متعدد الخدمات بما في ذلك حلول مبتكرة ومخصصة لدعم أفضل للمزارعين وخاصة الصغار منهم. تركز هذه المبادرة على تعزيز أفضل الممارسات الزراعية والتقنية والحكامة، ولا سيما التسميد العقلاني كرافعة حقيقية لتحسين الإنتاجية والحفاظ على الموارد الطبيعية. يشمل المثمر أفضل المنتجات والحلول في فئتها، وخدمات الإرشاد الزراعي (تحليل التربة، والتكوين، ومنصات العرض، والمراقبة والدعم، وما إلى ذلك)، والحلول التكنولوجية سهلة الاستخدام بالإضافة إلى برنامج بناء القدرات لفائدة النساء القرويات والتعاونيات والشباب. طموح الفريق هو تزويد المزارعين بالأدوات التي يحتاجونها للانتقال من الاكتفاء الذاتي إلى الأعمال المربحة والمستدامة. ويعتبر النهج العلمي في صميم كل عروض المثمر لضمان استدامة المبادرة.