لقيت تقنية "الزرع المُباشر" التي يُشرف عليها برنامج "المثمر" لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) نجاحاً كبيراً في الأراضي الفلاحية التي اعتُمدت فيها بتعاون مع جمعيات وتعاونيات فلاحية في عدد من المناطق بالمغرب. وتدخل هذه المبادرة، التي تعتمد تقنيات فلاحية متطورة، في إطار جُهود مجموعة "OCP" للمساعدة على تعزيز وتسريع إجراءات تكييف الفلاحة المغربية مع تغير المناخ من خلال تنمية زراعية مرنة تخلق قيمة وذات أثر مستدام. وتقوم تقنية "الزرع المباشر" (semis direct) على زرع الأرض بدون عملية الحرث، عن طريق استعمال بذّارة محملة ببُذور مناسبة للمنطقة، مع اعتماد تسميد معقلن، وهو ما يُساهم في الحفاظ على التربة ومكوناتها والمخزون المائي فيها. ويتم العمل بهذه التقنية منذ سنوات في المغرب بفضل تضافر جهود العديد من المؤسسات والشركاء الوطنيين، من وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمعهد الوطني للبحث الزراعي. والهدف من مبادرة "المثمر" عبر برنامج "الزرع المباشر" هو دعم اعتماد هذه التقنية على الصعيد الوطني كأداة رئيسية لنموذج التحول الإيكولوجي للفلاحة في المغرب، خصوصاً لدى الفلاحين الصغار، للاستفادة من المردودية العالية. وتمت تجربة هذه التقنية في عدد من مناطق المملكة بشراكة مع التعاونيات الفلاحية، من بينها إقليمآسفي، حيث حققت نتائج جيدة خلال الموسم الفلاحي الحالي بشراكة مع التعاونية الفلاحية "تومي" بجماعة دار سي عيسى، بعدما جرى العمل على منصة تطبيقية مزروعة بالقمح الصلب. وقال تهامي الخبير، فلاح رئيس التعاونية، إن آلية "المثمر" وضعت رهن إشارة الفلاحين في المنطقة تقنية الزرع المباشر، كما استفادوا من دورات تكوينية شرح من خلالها المهندسون الزراعيون طرق إنجاح هذه المنظومة الزراعية. وأضاف الفلاح ذاته أن المنصة التطبيقية لهذه التقنية أعطت مردودية عالية جداً من حيث إنتاج الحبوب وجودتها، مورداً أن معدل الإنتاجية المقدر في المنصة التطبيقية وصل إلى 8 قناطير في الهكتار الواحد، وهو رقم جيد مقارنة بمحصول الطريقة التقليدية التي يحقق 3 قناطير فقط. وأورد رئيس التعاونية أن هذه التقنية لقيت استحساناً من لدن الفلاحين في المنطقة، ولأول مرة يتم العمل بها في إقليمآسفي، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الفلاحين مستعد للانخراط في العمل بهذه المنظومة لرفع المردودية، خصوصاً في ظل التساقطات المطرية الضعيفة المسجلة خلال الموسم الفلاحي الجاري. وتضم التعاونية الفلاحية "تومي" بإقليمآسفي، المستفيدة من هذه التقنية الزراعية، حوالي 50 منخرطاً، منهم 8 نساء، فيما تبلغ المساحة المزروعة بهذه التقنية نحو 300 هكتار يملكها فلاحو التعاونية. كمال الحيان، مهندس زراعي ضمن فريق "المثمر"، قال إن إقليمآسفي استفاد من خلال تعاونيتين في جماعة دار سي عيسى وجماعة التوابت وُضعت رهن إشارتهما بذّارتان ساعدتا على زرع 550 هكتاراً على صعيد الإقليم خلال الموسم الحالي. وذكر الحيان، في تصريح لهسبريس، أن فلاحي المنطقة لم يكونوا على علم بهذه التقنية الجديدة، وأتيحت لهم الفرصة لتجربتها واقتنعوا بشكل كبير بنتائجها، خصوصاً أن الموسم الفلاحي الحالي كان متسماً بضعف التساقطات ورغم ذلك كان المحصول جيداً في الأراضي التي استعملت تقنية الزرع المباشر. ويبدو من خلال الصور أن هناك فرقاً كبيراً بين الأراضي التي استعملت تقنية الزرع المباشر بدون حرث الأراضي والأخرى التي جرى زرعها بالطريقة التقليدية، أي بعملية الحرث التي تقتضي، وفق ما تعلمه الفلاحون من معارف، تقليب الأرض قبل زرعها. يشار إلى أن المرحلة الأولى من برنامج المثمر للزرع المباشر يستفيد منها على الصعيد الوطني أكثر من 2000 فلاح وفلاحة في 76 جماعة ترابية على مستوى 18 إقليماً، فيما تبلغ المساحة المزروعة بها أكثر من 10 آلاف هكتار. ووضعت مصالح برنامج المثمر رهن إشارة التعاونيات والجمعيات الفلاحية في المغرب حوالي 35 بذارة لاستعمالها في زرع الأراضي الفلاحية، وهو ما سيكون له عائد كبير على الفلاحين من خلال رفع مردودية زراعتهم. ومن شأن تعميم هذه التقنية على جميع المناطق الفلاحية في المغرب أن يساهم في رفع مردودية المحاصيل الزراعية في البلاد، وبالتالي تعزيز المساهمة في تحول الزراعة نحو مرحلة جديدة تتكيف مع التغير المناخي.