عادت تقليعة "الزيرو"، أو قص الشعر نهائيا، للانتشار بين الصغار والكبار في عدد من البلدان، ومن بينها المغرب، في ظل إغلاق محلات الحلاقة في إطار حالة الطوارئ الصحية، التي تشهدها بلدنا منذ 20 مارس الماضي، كإجراء وقائي لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). والسبب في ظهور هذا النوع من الحلاقة ليس موضة أو تعبيرا عن وضعية اجتماعية معينة، كما تقول الدراسات الحديثة في علم النفس، التي غالبا ما تربط حلق الرأس بالكامل، بالمشاكل النفسية الفجائية، التي تصيب الإنسان. إن السبب يكمن بكل بساطة في لجوء العديد من الرجال بالخصوص، إلى استعمال مستلزماتهم الخاصة لحلق شعرهم بأنفسهم، واضطرارهم إلى اعتماد قصة الزيرو" كواحدة من أسهل تقنيات الحلاقة، التي لا تخلو بدورها من أخطاء "دامية" قد يرتكبها المغامر وهو يمرر آلة الحلاقة "الطوندوز" أو الشفرة على رأسه. في حين اختارت فئة من الشباب، غير المتحمس للظهور بصلعة الكبار، أن يحافظ على شعره الكثيف وبدون تصفيف، حتى باتوا يُلقبون على منصات التواصل الاجتماعي بسكان الكهوف.. ومنهم من يسألك بمنطق الأمر الواقع عن جدوى حلاقة شعره أو تصفيفه في ظل هذه الظروف الاستثنائية، حيث يقضي أيام الحجر الصحي كلها في البيت وكأنه في معسكر تُمنع فيه زيارة الخطيبة لخطيبها والزوجة لزوجها. وعلى عكس هؤلاء، رفع العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تحدي نشر صورهم برؤوس بدون شعر، متجاوزين عقدة الظهور برأس "أقرع". وقد بدا مظهر هؤلاء الأشخاص وكأنهم أكثر جدية وبعمر أكبر بكثير من سنهم الحقيقي. وقال أحدهم "إن قبولي بنشر صور (صلعتي) على منصات التواصل الاجتماعي يعد بمثابة توثيق لزمن الحجر الصحي الذي يشهد لأول مرة، على ما أذكر، إغلاق جميع محلات الحلاقة والتجميل في بلدي". وقال حلاق بحي سيدي مومن بالدارالبيضاء، إنه متضرر من إغلاق محله، ومازال ينتظر استفادته من إجراءات المساعدة المالية التي اقترحتها لجنة اليقظة الاقتصادية لدعم الأشخاص المتوقفين عن العمل، ورغم توقف مدخوله اليومي، الذي كان يعيل به أسرته المكونة من 5 أشخاص، فإنه يرفض التنقل لتقديم خدماته داخل بيوت زبنائه، معتبرا أن أمرا مثل هذا قد ينطوي على بعض الخطورة رغم احتياطات التعقيم التي يمكن أخذها بخصوص مستلزمات الحلاقة. وأضاف أن العديد من زبنائه يتصلون به عبر تقنية "الواتساب" يسألونه عن كيفية قص شعرهم، موضحا بنبرة لا تخلو من ثقة واعتزاز بمهارة الحلاقين، أنه يبعث لهم تحت الالحاح بعض الفيديوهات التعليمية، لكن لا ينصحهم بالمغامرة.. من جهته، قال سي سلام، أحد سكان حي التشارك، بالعاصمة الاقتصادية، إن دخول الحجر الصحي أسبوعه الثاني جعله يشعر بالقلق بشأن تكاثف شعره، وهو الذي دأب على زيارة الحلاق نهاية كل أسبوع، مضيفا أنه متردد جدا في اللجوء إلى معدات لا يتقن استعمالها لحلق رأسه بنفسه. ويبدو من خلال قصص الرجال مع إشكالية الحلاقة، أن الناس لم يولوا اهتماما كبيرا بمصير مظهرهم قبيل الإعلان عن فترة الحجر الصحي، كما فعلوا ذلك خوفا على بطونهم. فبينما شوهدت طوابير طويلة أمام متاجر بيع المواد الغذائية، كانت محلات الحلاقة تشتكي الكساد حتى قبل أن تستثني وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي من لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية، محلات الحلاقة والتجميل. ذلك أن العديد من الزبناء تخلوا عن حلاق الدرب مباشرة بعدما تناهى إلى مسامعهم عبر وسائل الإعلام المختلفة، أن ارتياد هذه المحلات قد يشكل خطرا عليهم، بسبب استخدام أدوات حلاقة غير معقمة بطريقة صحية. وإذا كان الرجال قد أخطأوا الحساب في موضوع الحلاقة، ومنهم قليل استدرك الأمر باللجوء إلى حلول مؤقتة، فكيف سيكون مصير النساء في ظل إغلاق جميع صالونات الحلاقة والتجميل، التي كان التوجه إليها عادة يتطلب موعدا مسبقا؟