مثلما كانت "راشيل مويال" تدافع عن قيم التسامح التي تربط المغاربة، شكلت جنازتها المشيعة بعد ظهيرة يوم الثلاثاء 28 يناير الجاري بالمقبرة اليهودية بيت ححايم بطنجة واحدة من أهيب الجنازات التي شيعها المغاربة لغير المسلمين من النشطاء والفاعلين والمؤثرين الذين صدقوا في حب طنجة، ودافعوا عن المدينة والوطن. الكاتبة الطنجاوية راشيل مويل، واحدة من أبرز الناشطات الثقافيات في مدينة طنجة والتي جعلت من مكتبتها الخاصة في مدينة البوغاز عنوان للباحثين عن الأدب، القصة والشعر، وكانت مسؤولة عن مكتبة الأعمدة (Les Colonnes)، التي تحولت ملكيتها للفرنسي بيير بيرجيه Pierre Bergé، وصرحت السيدة راشيل أكثر من مرة لوسائل الإعلام بقولها "أنا طنجاوية قبل كل شيء، والناس عادة ما يسألونني: ماذا يعني أن تكون طنجاوياً"؟ عندما غادرت راشيل المكتبة التي كانت تسيرها أشارت في كتاب من الحجم الصغير من تأليفها عن ذكرياتها في مكتبة الأعمدة بكلمة تحمل أكثر من رسالة، "وداعا" كتبتها بأربع لغات هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية، وكأنها كانت تودع طنجة باسم من تبقى فيه من اليهود المغاربة. برحيل راشيل، التي نعى وفاتها مدير سابق لمعهد سرفانتيس الإسباني ألبيرتو كوميز فونت، تفقد طنجة والمغرب واحدة من أشد المدافعات عن الهوية الثقافية المغربية بمشاربها العبرية، التي تشير إلى مراحل التواجد اليهودي بالمغرب، حيث دافعت بشراسة دون هدم أحد معالم اليهودية التاريخية بالمدينة، وهو مستشفى بن شيمول. يقول يونس الشيخ علي، مهتم بالتراث اليهودي بطنجة، في تصريح ل"الصحراء المغربية" إن جنازتها كانت ذات هيبة خاصة، فراشيل لم تتزوج أبدا ولم يكن لها عائلة، لكن الحضور الكبير في جنازتها أثر في مختلف المشيعين من مختلف الديانات، والتي تناغمت في الإجماع على ذكر مناقب الراحلة، والتي "تجمعني بها صداقة كبيرة، وكانت تحضر جميع معارضي التاريخية، وتنقل بعض القصص عن حضورها الشخصي يوم 9 أبريل 1947 لاستقبال المغفور له محمد الخامس، فضلا عن صداقتها المتينة مع محمد شكري، والكاتب الامريكي بول بوز وغيرهم من رموز طنجة". راشيل مويال ولدت بطنجة سنة 1933 وتنفست حياة العيش بين دروب أحياء مرشان والبولفار، وختمت حياتها بكتاب من توقيعها تحت عنوان "ذاكرة طنجاوية".