تتكون المسرحية من شخصيتين أساسيتين تؤثران في الفعل التراجيدي، وتتواجهان، والأمر يتعلق بالأسطورة خربوشة، والقائد عيسى بن عمار، إلى جانب شخوص أخرى ثانوية. المسرحية تتحدث عن قصة تراجيدية طبعت منطقة عبدة وحمر خلال فترة الاستعمار. وعن اختياره التأليف حول خربوشة مسرحيا، قال الكاتب الإدريسي إنها "الصدفة، فقط، من دفعتني إلى الكتابة حول هذا الرمز التراثي في الأدب الشعبي المغربي، حيث تأثرت بموتها كثيرا، وأنا أطالع مقالا في إحدى الجرائد الوطنية، ومن ثمة كونت فكرة للكتابة حول هذا الصوت الثائر". وأضاف أن تداخل القصة التاريخية والبناء الدرامي في حبكة تراجيدية أعطت تشخيصا للخوف والشفقة والطغيان الأعمى كي يظهر على خشبة المسرح. إنه الفعل التراجيدي القوي، الذي دفعني إلى الكتابة، و"إخراس العصفورة المغردة" هو ثمرة مجهود مضن اعتمدت فيه، يقول الإدريسي، على بحث ميداني بمنطقة عبدة موطن الشيخة خربوشة، واستفدت من الرواية الشفهية، مستفسرا الرجال الطاعنين في السن، وكل من له إلمام بعالم الشيخات في هذه المنطقة. من جهة أخرى أوضح الإدريسي أنه من دون خربوشة لا وجود لعيسى بن عمار، ومن دونه أيضا، تظل خربوشة مغنية تظهر وتختفي مثلها مثل العشرات من الشيخات. ما ميز خربوشة قوة أغانيها الزجلية القاسية وعفويتها الهادفة ومزاجها الحاد وكلماتها القوية، التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر القايد عيسى بن عمار، ما دفعه ليقوم بفعله التراجيدي المتمثل في القتل. وظف الكاتب الإدريسي حقائق تاريخية عرفتها منطقة عبدة وحمر من أجل حبكة مسرحية تعتمد البناء الفني المتعارف عليه كونيا، مستثمرا تجربته في الأدب والمسرح الإنجليزيين، جاعلا من المجال الجغرافي وشخوص المسرحية علامة فارقة لنسيج الأحداث المتسارعة لبناء درامي تصادمي نحو الخطأ التراجيدي، كي ينهار نحو النهاية لأبطالها، خربوشة، وعيسى، وعسو، والمستشار، وكأن كاتب المسرحية يؤرخ اللحظة من خلال المحاكاة للواقع على الخشبة. تقف خربوشة المغربية شامخة في الأدب العالمي جنبا إلى جنب مع جين دارك الفرنسية، التي أحرقت حية في وجه طغاة الكنيسة، بينما خربوشة ظلت تغني راقصة في وجه طغيان القايد عيسى بن عمار حتى الموت جوعا وعطشا. وقال الإدريسي إن خربوشة بطلة في الأدب الإنساني الخالد، وهذا سبب من الأسباب التي دفعته لكتابة هذه المسرحية بالإنجليزية، حتى يتفادى شبح الترجمة، ويظل النص الأصلي أمام العرب والعجم على حد سواء دون وسيط. تعتبر خربوشة إحدى أبرز الأيقونات الفنية في التراث الشعبي المغربي، غنت زجلها البسيط بلغة الفلاحين البسطاء، تحاكي همومهم في وصلات يرددونها في الحقول والبساتين لدرء المعاناة وظلم القياد والاستعمار. استطاعت هذه الأنثى التي التحفت ذكورة الرجال، فكان عنادها تمردا وأغانيها مقاومة اقتحمت بها مراكز الطغيان السلطوي وجبروت القايد عيسى بن عمار. ضحت خربوشة من اجل قبيلتها أولاد زايد، حسب تعبير الكاتب محمد أوجتي، الذي كتب مقدمة "إخراس العصفورة المغردة"، منوها بكاتب نص المسرحية، الذي اعتبر عمله ذا قيمة فنية، ويحق له أن يجاور جين دارك، وبيرناردشو، ومسرحيات شكسبير. اقتسم عيسى بن عمار مع خربوشة الحدث والمتعة والشفقة خلال محاكاة البناء الدرامي للمسرحية، فكانت خربوشة بطلة تراجيدية، حين ضحت من أجل الحرية والكرامة، في حين ظل القايد عيسى رمزا من رموز الطغيان في تلك الحقبة العاصفة. على مستوى الحبكة والفعل التراجيدي، أبرز الإدريسي أنه أعطى للحبكة شحنة فنية عميقة كي ترقى إلى مرتبة مسرحية متكاملة، وليس محاولة مسرحية، وأضاف أنه كتب محاورها في ظرف شهر فقط، لكن استغرقت منه أزيد من خمس عشرة سنة، من أجل تلقيحها وإعادة كتابتها، لأن العمل من منظوره كتب بلغة كونية، وهي الإنجليزية، بهدف انتشارها عالميا.