رغم التنديد الدولي والأوروبي من تفاقم الانتهاكات التركية لمياه المتوسط وتأجيج نار الحرب في ليبيا، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، على أن بلاده لن تسحب سفن التنقيب من شرق البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا أن الاتفاقية المبرمة مع ليبيا ستطبق بجميع بنودها. وجاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مشاركته بولاية أدرنة شمال غربي البلاد، في مراسم ربط خط أنابيب الغاز العابر للأناضول «تاناب » مع خط الأنابيب العابر للأدرياتيكي «تاب »، لنقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا. وقال أردوغان إن «جميع بنود الاتفاقية بين تركيا وليبيا ستدخل حيز التنفيذ أيضا ،» «وأعمال التنقيب التي نقوم بها سينبثق عنها السلام والازدهار وليس الصراع والدماء »، وفق ما نقلته وكالة الأناضول التركية الرسمية. وحول سفن التنقيب التركية شرق المتوسط، أكد أردوغان «أن تركيا لن تسحب سفنها من هناك إذعانا لصراخ البعض وعويله .» وأضاف «لن نتخلى عن حقوقنا ولن نجعل حقوق القبارصة الأتراك لقمة سائغة، كما أننا لن نطالب بشيء ليس من حقنا .» وتابع: «هناك من يسعى لتأجيج التوتر بدلا من التقاسم العادل لموارد الهيدروكربون في شرق البحر المتوسط، ويلجأ إلى لغة التهديد والابتزاز رغم وجود إمكانية التقاسم العادل .» واستطرد في السياق ذاته «لا توجد دولة فوق القانون الدولي .» ونقلت وكالة بلومبرج عن أردوغان قوله إن البرلمان سوف يقر الاتفاق مع ليبيا بشأن حدود الولاية البحرية في الأيام المقبلة، ما يعزز نفوذ تركيا في البحر المتوسط. وتضع سياسات أردوغان المتعنتة تركيا في مواجهة مع دول أوروبية وأخرى إقليمية، ما يفاقم عزلة تركيا ويعزز مسألة فرض عقوبات إضافية من قبل الاتحاد الأوروبي لردع أنقرة عن سياساتها التي ترى فيها أوروبا «خرقا للقانون الدولي .» يشار إلى أن الحكومة التركية وقعت مع رئيس حكومة الوفاق الليبية الأربعاء الماضي مذكرتي تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وفي مجال السيادة على المناطق البحرية في مياه المتوسط. وأدانت مصر واليونان وقبرص بشدة ما وقعته تركيا مع حكومة فايز السراج في طرابلس، منددة بتجاهل تركيا للتحذيرات الدولية من تمادي أنقرة في انتهاكاتها في مياه المتوسط، فضلا عن الانتهاكات التي تنفذها بالتنقيب في المياه القبرصية. وردا على ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن «وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص اتفقوا في اتصالات هاتفية على أنه لا أثر قانوني لمذكرتي التفاهم .» كما تعارض الدول الثلاث والاتحاد الأوروبي عمليات التنقيب التركية عن الغاز والنفط شرق البحر المتوسط، حيث هدد التكتل الأوروبيبفرض عقوبات على أنقرة. ورفضت أثينا التوقيع ووصفته بأنه انتهاك جغرافي في المياه المتوسطية، لأنه تجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي. ويغذي إعلان أردوغان التوتر المتصاعد أصلا بين أنقرةوأثينا في قضية تنقيب تركيا في شرق المتوسط قبالة السواحل القبرصية. كما حذرت اليونان من خطر انتهاك «المناطق البحرية » اليوناني، جراء الاتفاق الموقع بين حكومتي أردوغان والسراج. وفي هذا السياق، أفاد مصدر دبلوماسي يوناني السبت أن الخارجية اليونانية استدعت سفير ليبيا في اثينا لطلب «معلومات عن مضمون » اتفاق عسكري وقعته تركيا مع حكومة الوفاق الليبية. وقال المصدر إن «أثينا أعربت عن استيائها من هذا الاتفاق وطلبت من سفير ليبيا تزويدها معلومات في موعد أقصاه الخامس من دجنبر تحت طائلة طرده .» والخميس طلبت أثينا أيضا من السفير التركي في اليونان تزويدها معلومات في هذا الصدد، وفق المصدر نفسه. ويتوجه وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إلى القاهرة، حيث يبحث مع نظيره المصري سامح شكري «التطورات الأخيرة في شرق المتوسط على خلفية الاتفاق التركيالليبي »، بحسب بيان وزاري. والعلاقات بين اليونان وتركيا ترتدي طابعا حساسا، خصوصا أن الثانية شكلت بوابة دخول لآلاف من اللاجئين الذين وصلوا الى الجزر اليونانية.