وسط "براريك" متفرقة حول أرجاء "كريان سنطرال" بالحي المحمدي في الدارالبيضاء، الممتد على مساحة تناهز 30 هكتارا، وبين ركام الحجارة المتناثرة في كل الاتجاهات، تجولت "المغربية" بمعية أفراد من "الكريان" لاستفسار بعض الأسر عن تصوراتها حول الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 وذلك بعدما تعذر على البعض منها إدراج أسمائها في لائحة المستفيدين من السكن اللائق. فالجو الهادئ الذي يخيم على "الكريان" أوحى بأنه لم يعد آهلا بالسكان على نحو كثيف، بعدما استفاد كثيرون من مساكن بديلة بمشروع الحسن الثاني المجاور ل"الكريان" وبقع أرضية بمنطقة الهراويين، غير أن "البراريك" المتبقية التي يقدر عددها بحوالي 600 "براكة" ترصد أن "قضية الإسكان" ب"الكريان" لم يحسم فيها نهائيا حتى يجري اجتثاث "البراريك" التي جعلت من مشهد المنطقة يتسم بالفوضى والعشوائية. فأثناء تنقل "المغربية" بين "البراريك" القائمة والأخرى المتهدمة، كان واقع الفضاء يبرر حاجة سكانه إلى الانتقال سريعا لمساكن أخرى بعيدا عن العشوائية، وإن لم تردهم أي تبليغات تفيد بحتمية ترحيلهم في وقت عاجل. فبعض الأسر حسب معاينة "المغربية" ل"براريكها" لم تكن متفائلة كثيرا، فتقلص عدد "البراريك" ورحيل أصحابها زاد من قنوط السكان الباقين ب"الكريان"، حيث افتقدوا أجواء التعايش والتضامن الاجتماعي، دون أن يعقدوا الأمل في أن رحيلهم وشيك مثل الآخرين. وعند استفسار البعض ب"كريان" سنطرال، عن رأيهم في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، منهم من قال إنهم "يجهلون كليا ما قد تجلبه عملية الإحصاء من فوائد تعجل استفادتهم من السكن"، ومنهم من قال إن "الإحصاء مجرد إجراء لا يساعد في شيء ماعدا تسجيل معلومات هي في الأصل معروفة لدى السلطات المحلية ولا تحتاج إلى تكرار سردها كل مرة"، أما آخرون "فقالوا إنهم "يتطلعون إلى أن تكون عملية الإحصاء مجدية لهم، تصحح بعض الهفوات التي أسقطت الكثيرين من التسجيل في لوائح المستفيدين من السكن اللائق". اختلاف آراء سكان "كريان سنطرال" حول الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 لم يلغ توحيد موقفهم في أن "الاستفادة من السكن اللائق بعيدا عن دور الصفيح حاجة ملحة تزداد مع امتداد السنوات دون حل سريع يخلصهم من تبعات العيش في واقع عشوائي". من جهته، ذكر سعيد عاتيق، رئيس جمعية "الشهاب لكريان سنطرال"، الذي رافق "المغربية" خلال جولتها في "الكريان" بمعية أعضاء آخرين، إن سكان الكريان يأملون أن يكون لهذا الإحصاء وقعا على تغيير مصير حياتهم البسيطة والمثقلة بالمشاكل وسط "براريك" تفتقد شروط العيش الكريم"، مضيفا أن الأسر التي استوفت شروط الاستفادة عليها أن تتفاعل مع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها للانتقال إلى المساكن البديلة أو تسلم البقع الأرضية المخصصة لها، بمنطقة الهراويين، وبهذا سيتأتى لكل أسرة على التوالي الخروج من دوامة التعقيدات التي حالت دون تمكينها من السكن اللائق". أما محمد لقمان، فاعل جمعوي بالجمعية نفسها، فذكر خلال معاينته ل"براريك" بعض الأسر ب"الكريان" أثناء زيارة "المغربية"، إن "الجمعية تحرص على التنسيق مع السكان لرصد المشاكل التي تمنع ترحيلهم، كما تسهر على ترسيخ الوعي بينهم، حتى يتجاوزوا هذه الإكراهات بروح وطنية متطلعة إلى مستقبل أفضل". في حين يجد لحسن متقي، منسق لجنة تتبع ب"كريان سنطرال"، أن السكان الباقين يبنون أملا كبيرا في أن يحدث هذا الإحصاء نقلة نوعية في حياتهم، بعدما لم يفدهم إحصاء سنة 2004 وكرس لديهم مشاكل مازالوا يجترونها إلى اليوم". يشار إلى أن "كريان سنطرال" يضم جيوب "كريان" القبلة وكريان "الخليفة" و"كريان" الرحبة، و"كريان" البشير، و"كريان" بوعزة، و"كريان" الكريمات" وغيرها، وأصبح عدد "البراريك" فيها محدودا، يتمنى قاطنوها أن يعاد النظر في عملية استفادتهم بعدما أقصي الكثير منهم لأسباب مختلفة.