أخفق مجلس النواب اللبناني، أمس الثلاثاء، للمرة الحادية عشرة، في انتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفا لميشال سليمان، الذي انتهت ولايته في 25 ماي الماضي. مجلس النواب اللبناني قال رئيس المجلس، نبيه بري، في بيان له، إن "الجلسة العامة المخصصة اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية أجلت إلى يوم 23 شتنبر الجاري بسبب عدم اكتمال النصاب" المتمثل في ثلثي النواب، البالغ عددهم 128 نائبا. وبموجب الدستور اللبناني "ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع الموالية". وكان التنافس على منصب الرئاسة قد انحصر قبل انتهاء ولاية سليمان على رئيس (حزب القوات اللبنانية)، سمير جعجع، وهو مرشح قوى 14 آذار، والنائب هنري حلو (وسطي) فيما لم يعلن التيار الوطني الحر بعد عن مرشحه، بالرغم من أن كل التقارير الإعلامية والسياسية تشير إلى أن مرشح الأخير سيكون هو ميشال عون. وتوقعت مصادر إعلامية تكرار هذا المشهد بالرغم من أن الشغور في سدة الرئاسة يدخل شهره الرابع، وعدم اكتمال النصاب مرة أخرى بسبب انقسام المجلس، خاصة بين الكتل النيابية الكبيرة لفريق (14 مارس) الذي يتزعمه "تيار المستقبل" و (8 مارس) وعلى رأسها "حزب الله". ووصفت صحيفة (الأخبار)، دعوة مجلس النواب في جلسة تحمل رقم 11 لانتخاب رئيس الجمهورية بال"عبث"، مع توقع "عدم اكتمال النصاب القانوني"، معتبرة أن الجلسة لن تكون لها نتائج سوى "تأكيد دخول الشغور الرئاسي شهره الرابع". من جهتها، كتبت صحيفة (السفير)، في افتتاحيتها أمس، أن لبنان "بلا رئيس لليوم الأول بعد المائة على التوالي". أما صحيفة (البلد) فذهبت إلى حد الجزم بأن جلسة الانتخاب الرئاسي "ليست موضع اهتمام في الوسط السياسي، الذي اعتاد على مشهد عدم إعطاء النصاب البرلماني فرصة الاكتمال"، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى "انتظار إنجاز التسوية الإقليمية" بالرغم من أن "المنطقة بأكملها باتت منهمكة في البحث عن سبل مواجهة الاكتساح (الداعشي) لبلدانها ومناطقها الحساسة". وتجدر الإشارة إلى أن الساحة السياسية اللبنانية شهدت، مؤخرا، أحداثا كثيرة ذهب المراقبون إلى أنها ستعجل بانتخاب رئيس للبلاد، منها تهديدات تنظيمي (الدولة الإسلامية) و(جبهة النصرة) بعد الاشتباكات العنيفة بين الجيش ومسلحي هذين التنظيمين قرب الحدود السورية، والتي خلفت مقتل عسكريين وفقدان آخرين. كما حملت عودة رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري إلى بيروت، بعد غياب لأزيد من ثلاث سنوات لأسباب أمنية، بشائر حلحلة الوضع والذهاب في اتجاه اتفاق الفرقاء السياسيين، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل لحد الآن بالرغم من كل التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها البلد. وتميزت الساحة السياسية، مؤخرا، بمبادرات من نوع آخر تمثلت، بالخصوص، في اقتراح كتلة "التغيير والإصلاح" النيابية، التي يترأسها العماد ميشال عون، وهو أحد المرشحين غير المعلنين للرئاسة، مشروع قانون لإجراء تعديل على دستور لبنان يسمح بانتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة، وليس من قبل مجلس النواب. ويروم الاقتراح، حسب الكتلة، "تفادي تكرار مشهد الفراغ في منصب الرئاسة لعدم حصول أي المرشحين، حتى الآن، على تأييد ثلثي مجلس النواب، وإبعاد عملية الانتخاب عن المساومات والصفقات المحلية والخارجية". كما سبق لزعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري، أن اقترح "خريطة طريق لحماية لبنان من الانهيارات القائمة في سوريا، تقوم على المصلحة الوطنية والاستقرار الوطني على حساب أية مصالح أو ولاءات أخرى، وعلى انتخاب رئيس جديد وإنهاء الفراغ في الرئاسة الأولى، باعتباره أولوية تتقدم على أي مهمة وطنية أخرى". وفي ظل هذا الوضع، فإن الدستور اللبناني ينص، في حال حصول الشغور في سدة الرئاسة ل"أي علة كانت" على أن صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء، لهذا فإن الحكومة التي يرأسها تمام سلام، التي تشكلت بدورها في 15 فبراير الماضي، بعد أزيد من 10 أشهر من المد والجزر بين الفرقاء، هي التي تتولى، مجتمعة (مجلس الوزراء) صلاحيات الرئاسة.