بدأ العد العكسي للمهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان خلفا لميشال سليمان، الذي تنتهي ولايته في الخامس والعشرين من مايو المقبل، لتبدأ معها سلسلة من الاتصالات بين الفرقاء السياسيين لتحديد فرسان السباق نحو قصر بعبدا. وينص الدستور اللبناني على أن البرلمان ملزم بانتخاب رئيس جديد للبلاد، خلال مهلة شهرين، قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي، حيث يجتمع ثلثا أعضاء مجلس النواب، بدعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس. ويتحول المجلس في الأيام العشرة الأخيرة إلى هيئة ناخبة، ويصبح مدعوا تلقائيا من دون دعوة من رئيسه. وتنفيذا لبنود الدستور، بادر رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تشكيل لجنة من كتلته النيابية "التنمية والتحرير" من أجل التشاور مع الكتل النيابية والقوى السياسية. وفي انتظار تأمين النصاب القانوني (ثلثا أعضاء مجلس النواب) لانعقاد جلسة المجلس لانتخاب رئيس جديد للبلاد (حسب الميثاق الوطني اللبناني الرئيس يكون مارونيا)، تواصل القوى السياسية، خاصة (8 آذار) وعلى رأسها (حزب الله)، و(14 آذار) وفي مقدمتها (تيار المستقبل) بزعامة سعد الحريري، مشاوراتها للتوافق على الأسماء التي ستدخل غمار السباق نحو قصر بعبدا. وقد رسم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي (أعلى منصب ماروني بلبنان) صورة عن المشهد الحالي بدعوته رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى الإسراع بالدعوة لعقد جلسة لانتخاب الرئيس على اعتبار أن ذلك "يفتح باب المفاوضات في حال لم يكتمل النصاب، وبحال اكتمل تبدأ الأسماء بالغربلة". وحدد الراعي، في تصريح صحافي، مواصفات لرئيس الجمهورية منها، على الخصوص، قدرة المرشح للمنصب على لملمة البلد الذي يعاني من الانقسامات، وأن يكون مقبولا داخليا وعربيا ودوليا، مشددا على أنه ليس المهم من أي فريق يكون. وفي ذات السياق، سبق لزعيم (تيار المستقبل)، سعد الحريري، أن أكد أن ( قوى 14 آذار) "سيكون لها مرشح واحد"، مبرزا "حرص الفريق على أن يحصل الاستحقاق الرئاسي في موعده". ومن جهته، أشار عضو (كتلة المستقبل) النيابية، أحمد فتفت، إلى أن "هناك أربعة مرشحين لقوى 14 آذار، وهم : سمير جعجع، الرئيس أمين الجميل، والنائبان بطرس حرب وروبير غانم"، مشددا، في حديث إذاعي، على "ضرورة أن تخرج التسوية من قلب مسيحيي 14 آذار بالتوافق على مرشح واحد". أما قوى (8 آذار) فلم تعلن لحد الآن عن أي اسم، إذ أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير"، علي خريس، أمس، أن القوى" لم تأخذ بعد قرارا نهائيا بشأن مواصفات الرئيس"، معتبرا أن "هناك أسماء واضحة من الطرفين، ولكن لم يتم الاتفاق بعد على اسم المرشح، وهذا الموضوع قد يكون عليه توافق داخلي وإقليمي وقد لا يكون، وليقل المجلس النيابي كلمته". ويتخوف المراقبون والمحللون من أن يتكرر سيناريو حكومة تمام سلام التي تعطل تأليفها لمدة فاقت عشرة أشهر بسبب الخلافات الحادة بين 8 و14 آذار، وبالتالي دخول البلاد إلى مرحلة الفراغ في أعلى منصب في الدولة، أو التمديد للرئيس ميشال سليمان، الذي أكد في مناسبات كثيرة رفضه ل"مبدإ التمديد"، داعيا الجميع إلى السهر "على تأمين انتخاب الرئيس الجديد". تجدر الإشارة إلى أن الرؤساء الذين تولوا السلطة بلبنان قبل ميشال سليمان همº بشارة الخوري وكميل شمعون وفؤاد شهاب و شارل حلو وسليمان فرنجية وإلياس سركيس وبشير الجميل وأمين الجميل ورينيه معوض وإلياس الهراوي وإميل لحود.