يبدأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان الاثنين المقبل استشارات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة غداة سقوط حكومة سعد الحريري, وسط مؤشرات على صعوبات قد تعترض المرحلة المقبلة في ظل استمرار الانقسام الحاد على خلفية المحكمة الدولية. وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عقب لقائه سليمان أول أمس أن «الاستشارات النيابية ستبدأ الاثنين المقبل عند الساعة الثانية عشرة (00,10 ت غ)». وكان سليمان طلب في بيان صدر في وقت سابق, من الحكومة المستقيلة «الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة». والحريري هو الشخصية السنية الأكثر شعبية لكن لا يعلم ما إذا كانت ستتم تسميته مجددا في ضوء هشاشة التحالفات داخل البرلمان. وقوى 14 آذار (الحريري وحلفاؤه) ممثلة حاليا في البرلمان بستين من 128 نائبا, مقابل 57 نائبا لقوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه). وتحتل كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي خرج في صيف 2009 من قوى 14 آذار إلى موقع وسطي, احد عشر مقعدا في البرلمان ولا يعرف أين ستصب أصوات نوابها, ما يجعلها بيضة القبان في تحديد اسم رئيس الحكومة المقبل. وقال جنبلاط لوكالة فرانس برس «من المبكر جدا الرد على السؤال حيال من سنرشح. سنرى عندما تبدأ الاستشارات». وقال النائب محمد رعد, رئيس كتلة حزب الله النيابية, من جهته «علينا أن نتفق على طريقة إدارة البلاد بحكومة قوية». وألمح إلى أن حزب الله قد يمتنع عن تسمية الحريري, إذ أكد في تصريح للصحافيين أن على رئيس الحكومة الجديد أن يمتلك «سيرة مقاومة وطنية في هذا البلد وقدرة على التصدي للمشاريع الاستكبارية». وأوضح مسؤول في قوى 8 آذار لفرانس برس رافضا الكشف عن هويته أن المسعى السعودي السوري الذي كان يهدف إلى إيجاد حل للازمة قبل سقوط الحكومة «قابل للاستئناف ولا تزال هناك فرصة لإنجاحه». وأضاف «إذا بقي الطرفان على سكة هذا المسعى, فلا احد ينافس الحريري. أما إذا لم يحصل ذلك, فالخيارات مفتوحة على أسماء أخرى كثيرة», من دون إعطاء إيضاحات. في المقابل, شدد النائب عمار حوري الذي ينتمي إلى كتلة «المستقبل» النيابية بزعامة الحريري, على أن «منطق الأمور يقول إن هناك مرشحا وحيدا لموقع رئاسة الحكومة اسمه سعد الحريري». وتوقع ردا على سؤال لفرانس برس أن «تتم تسمية الحريري لتشكيل الحكومة وبأغلبية واسعة». إلا انه رأى أن لبنان مقبل على «أزمة طويلة», داعيا إلى إبقاء «الخلاف السياسي في حجمه السياسي» تجنبا للاضطرابات الأمنية. وقدم أحد عشر وزيرا بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه يوم الأربعاء الماضي، استقالاتهم من الحكومة, ما تسبب بسقوطها. وكانت حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في نوفمبر 2009, تتألف من ثلاثين وزيرا. وينص الدستور على اعتبار الحكومة مستقيلة حكما في حال استقالة أكثر من ثلث أعضائها. وتأتي الاستقالة بعد بلوغ الأزمة المستحكمة بين الطرفين السياسيين الأساسيين في الحكومة حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري, والد سعد الحريري, طريقا مسدودا. ويخشى المراقبون أن تتطور الأزمة مع صدور القرار الظني عن المحكمة الخاصة بلبنان والذي يتوقع أن يوجه الاتهام في الجريمة التي وقعت في 2005 إلى حزب الله. وأعلن منذ أسابيع أن تسليم القرار إلى قاضي الإجراءات التمهيدية بات قريبا جدا. وتوقعت الصحف اللبنانية بالإجماع «أزمة مفتوحة», كما عنونت صحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية. وكتبت «السفير» القريبة من قوى 8 آذار أن «لبنان دخل بدءا من أمس في مرحلة جديدة ستكون مفتوحة على أزمة سياسية وحكومية عميقة وطويلة الأمد».