عاشت مدينة ورزازات، إلى حدود مساء أمس الأحد، على إيقاع فعاليات المهرجان الوطني لفنون أحواش، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حيث استطاع تعزيز وتقوية مكانة ورزازات من حيث الجاذبية الثقافية والسياحية، علاوة على التعريف بالغنى الثقافي لهذه الوجهة وتثمينه والانفتاح على المحيط الجهوي والوطني. وأهم ما ميز دورة هذه السنة، المنظمة من طرف وزارة الثقافة، وبشراكة مع عمالة إقليمورزازات، ومجلس جهة سوس ماسة درعة، والمجلس الإقليميلورزازات، والمجلس البلدي لورزازات، والمجلس الإقليمي للسياحة بورزازات، والمكتب الوطني المغربي للسياحة، تبني تصور فني وإبداعي يهدف إلى إبراز تنوع فنون أحواش من حيث ارتباطها بكل مناحي حياة الإنسان عبر تقديم ثلاثة عروض رئيسية بقصبة تاوريرت تبرز الجوانب الاحتفالية لهذا الفن في مختلف المناسبات، كالولادة، والختان والزواج والحصاد، وغيرها. واستمتع عشاق فن أحواش، بفضاء ساحة قصبة تاوريرت الأثرية، بإيقاعات وأنغام محكمة التنظيم بحركات جماعية تستعمل حركات الساق، وأصوات نسائية ترد على الرجال مع إنشاد شعري متناسق ورقص متموج، ورقصات تشكل جزءا من طقوس الزفاف وحركات رائعة ومتوافقة مع الشعر المتغنى به بأصوات نابعة من الجبال، أدتها الفرق المشاركة في لوحات فنية جميلة. واستمتع سكان ورززات وزوارها، خلال دورة هذه السنة من المهرجان، على مدى ثلاثة أيام، بمجموعة من اللوحات الفنية للفرق المشاركة، المستوحاة من الفلكلور الشعبي، تغنت بالأشعار المستلهمة من التراث المغربي، في حفلات فنية احتضنتها كل من قصبة تاوريرت، وساحة الموحدين، وساحة 3 مارس، في تصور سينوغرافي، ساير طابع أحواش ورمزية موسيقاها ورقصاتها وألوانها، أشرف على إنجازه حرفيو السينما بورزازات، مع التركيز على جمالية قصبة تاوريرت التاريخية كخلفية لمنصة العروض مع هندسة خاصة لفضاء اللعب كمساحة طبيعية متحركة ومؤثثة بشكل يبرز مختلف مناحي حياة القرى المغربية. وقدمت 18 مجموعة فلكلورية عروضا فنية استحسنها الجمهور وعشاق هذا اللون الموسيقي، الذين توافدوا على كل من ساحات قصبة تاوريرت والموحدين و3 مارس، حيث اطلعوا عن قرب على طبيعة مجموعات أحواش، المتميزة بلباسها التقليدي وأدائها وأهازيجها وإيقاعاتها الجبلية. وقدمت فرق أحواش، التي أحيت السهرات الفنية للمهرجان الوطني لفنون أحواش، مشاهد تمثيلية أعادت خلالها رسم بعض مشاهد الحياة الاجتماعية المحلية بالمنطقة وقبائلها، سيما للطقوس الجاري بها العمل خلال المناسبات المتعلقة بالولادة و ب"تيكفلت"، أي الهدية التي تقدم للأسرة التي ترزق بمولودها الأول، ولظواهر ختان الأطفال، وتقديمها لآلاف الزوار الذين قدموا من مناطق مختلفة لحضور هذه العروض. وتضمن برنامج المهرجان، الذي احتضنت فعالياته فضاءات المدينة، إضافة إلى السهرات الفنية، أوراشا للتعريف بهذا التراث، وتنظيم أمسيات شعرية وموسيقية تحتفي بالطاقات المحلية، علاوة على معرض ثقافي حول فنون أحواش، استعرض صور أعلام أحواش والزي التقليدي لممارسي فنون أحواش. وشكل المهرجان مناسبة للاحتفاء بفنون أحواش، كفن من أعرق الفنون التراثية المغربية، يستوجب الرعاية ورد الاعتبار والتثمين عبر التعريف به وبمكوناته وتكريم أعلامه وممارسيه، وإطارا لشحذ الخيرات المختلفة وحشدها حول المشروع الواسع لتوثيق هذا الفن وإنعاشه وإحياء عناصره المهددة بالاندثار والسماح باستمرار أصالته وتلقائيته، دون التفريط في إمكانية تطوره وإدماجه في الخزان الكبير للجماليات المغربية. وأضحى المهرجان الوطني لفنون أحواش بورزازات من المواعيد السنوية وضمن أجندة المهرجانات الوطنية التي تشرف عليها وزارة الثقافة، تتوخى من ورائها رفقة شركائها أن تضمن من خلاله لرواد هذا الفن والمشتغلين بدراسته وعشاقه، أطباقا أصيلة ومتنوعة ومضمونة الجودة، تتيح الفرصة لكل زوار المهرجان والمشاركين فيه للمزاوجة بين متعة الفرجة ومتعة الاكتشاف ومتعة التعرف عليه بطقوسه ومناسباته في إطار من التنافس على إبراز الأصالة وقوة الإبداع وروح الاحتفالية التلقائية. وحسب عبد الرحمن الدريسي، رئيس المجلس البلدي لورزازات، فإن هذه التظاهرة الفنية التي تدخل عامها الثالث، تتوخى تعزيز إشعاع المدينة في ما يخص هذا الموروث الوطني الرمزي ممثلا في فن أحواش، وتقوية الجاذبية السياحية لورزازات، فضلا عن إعادة الثقة إلى الفرق العاملة في هذا الجنس الفني محليا وإنعاش شعراء هذا الفن، وتعزيز ارتباط السكان ومختلف المعنيين بهذا التراث اللامادي. من جهته، اعتبر محمد سعيد الامراني، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات، في تصريح ل"المغربية"، أن هذه التظاهرة الفنية، تدفع في اتجاه تنمية المدينة سينمائيا وسياحيا، وربطها ب"علامة محددة" ممثلة في هذه التظاهرة، على غرار ارتباط مدن أخرى بمهرجانات مماثلة.