ورزازات/10 غشت 2014/ومع/ احتفت السهرة الثانية للمهرجان الوطني لفنون أحواش ( 8- 10 غشت الجاري) التي احتضنتها ساحة تاوريرت بورزازات، ليلة السبت الأحد، بدورة الحياة الزراعية بالمنطقة من خلال محاكاة مشاهد واقعية تبعث على الغرابة، مجسدة بذلك غنى ورمزية هذا الموروث الثقافي الوطني، الذي يعكس قيم التشبث بالحياة والتعاون والتضامن والعمل. ففي المشهد الأول، الذي اقترحته الفرق المشاركة في هذه التظاهرة الثقافية المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتقدم صف طويل من الرجال، ويقفزون، بالتتابع، بمجرد الإقتراب من مواقد تشتعل فيها النار، بينما تطلق النساء المرافقات لهذه المجموعة أصواتا مفادها أن العام الماضي لفظ أنفاسه الأخيرة وأن عاما جديدا قد حل، ويأخذ الجميع في الغناء من أجل مقدم هذا العام الجديد الذي يطلق عليه في اللغة الأمازيغية "أسغاس أماينو"، ويأملون أن يجلب لهم الخير ويجعل من مشاكل العام الذي قد مضى للتو مجرد ذكرى. وأدت فرقة أحواش التي شخصت هذا المشهد، رقصات دائرية، بشكل فردي وجماعي، وكأنها تريد بذلك، أن تذعن لزوار ساحة تاوريرت، بأن عجلة الزمن تدور وتنتهي سواء تعلق الأمر بمصير الأفراد أو الجماعات. وفي المشهد الثاني، تقدمت فرقة أحواش ثانية، غالبية أعضائها من النساء واليافعات بلباس موحد تقودها عروس، نحو مجسم لبئر وأخذن يجلبن الماء ويقمن برشه على بعضهن البعض وهن يتراقصن ويغنين مقاطع يقول بعضها "نرجوك إله السماء مطرا يروي الأرض" و"نرجوك إله السماء مطرا يروي الأرض لأنها عطشى" و"ماء من السحب وليس من الأقداح". ويتعلق الأمر بطقس محلي يطلق عليه اسم "تاغونجا" تلجأ اليه بعض القبائل طلبا للاستسقاء بعد شهور أو أسابيع من الجفاف. وفي المشهد الثالث، تؤدي إحدى فرق أحواش المشاركة في هذه التظاهرة رقصات وأهازيج جماعية احتفالا بالحصاد والمحصول الزراعي الجديد، وفجأة "تشن" عليها مجموعة أخرى يرتدي أفرادها أزياء وأقنعة حيوانات، هجوما فتبث في نفوس وخلد عناصرها "رعبا" يكاد يكون مفتعلا، فيتفرق الجميع بحثا عن ملاذ آمن من سطوة المهاجمين. ويبدو أن بعض القبائل بالمنطقة تلجأ إلى طقوس احتفالية ضاربة في القدم من هذا القبيل، من أجل بث الفرحة والحبور في نفوس أفرادها في هذه الفترة من السنة التي تتوج فيها جهود مضنية طيلة سنة زراعية حافلة بالكد والعطاء. وقدمت الفرق التي أحيت السهرة الأولى للمهرجان عروضا منفردة عرضت خلالها لمشاهد الحياة الاجتماعية بالمنطقة وقبائلها، لا سيما طقوس الاحتفاء بالولادة و ب"تيكفلت"، أي الهدية التي تقدم للأسرة التي ترزق بمولودها الأول، ولعادة ختان الأطفال، و "توالا"، أي احتفال قبيلة ما بازدياد المولود البكر لدى إحدى الاسر بالقبيلة المجاورة. وتسهر على تنظيم هذه التظاهرة وزارة الثقافة بشراكة مع عمالة ورزازات والمجلس الجهوي لسوس ماسة درعة، والمجلسين الإقليمي والبلدي لورزازات، بالإضافة إلى المجلس الإقليمي للسياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة. وتشارك في الدورة الحالية 18 فرقة تضم حوالي 500 فنان وفنانة من مختلف المناطق المغربية التي تعنى بهذا الفن المغربي الأصيل. وتتميز دورة 2014 بالاعتماد على تصور إبداعي، يروم إبراز تنوع فنون أحواش من حيث ارتباطها بكل مناحي حياة الإنسان بمختلف المناسبات كالولادة والختان والزواج من خلال عروض تحتضنها ساحات المدينة.