يعيش المراقبون والسياسيون حالة من التشويق، لا تخلو من الحماسة، في انتظار إعلان هيلاري كلينتون ترشحها لرئاسيات سنة 2016. لكن هذه الأخيرة عليها أولا وقبل التفكير في المكتب البيضاوي، كسب رهان الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، التي تبدو أنها في المتناول، ولكنها قد لا تخلو من مفاجآت محتملة. فبرأي العديد من المحللين والباحثين في واشنطن، فإن وزيرة الخارجية السابقة، التي تقوم حاليا بجولة عبر الولاياتالأمريكية للترويج لمذكراتها "الخيارات الصعبة"، التي صدرت في يونيو الماضي، تسير في الطريق الصحيح لتكريس هيمنة الديمقراطيين على البيت الأبيض، لتصبح بالتالي أول رئيسة في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. واعتبرت أستاذة العلوم السياسية مايرا أدامز، في مقال نشره (دو دايلي بيست) أنه "إذا لم يقع تغيير جذري في الوضع داخل الحزب الجمهوري وفي صفوف المرشحين للرئاسة، ووقوع حدث كارثي غير متوقع من شأنه أن يغير المشهد السياسي والاقتصادي الحالي (...)، فإن كلينتون ستفوز بسهولة برئاسيات 2016 ". ويرتكز الموقف القوي للسيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، حسب أدامز، بالخصوص في تشكل حركة اجتماعية مؤثرة حول ترشيحها المحتمل، وهي الحركة التي سوف تبرز ملامحها في الخامس نونبر المقبل، بمناسبة "الانطلاقة الرسمية" للحملة الرئاسية لسنة 2016. ووفقا لأستاذة العلوم السياسية، فإن الآلة الإعلامية "شحذت أسلحتها بالفعل" كما حدث مع باراك أوباما، وتتوقع حدث بروز "الملكة" التي سترأس الأمريكيين، مشيرة إلى أن اثنين من "العباقرة" السابقين في الحملة الرئاسية لأوباما، جيريمي بيرد وميتش ستيوارت، يعتبران سلفا جزءا من فريق هيلاري كلينتون. ومن جهته، كتب روبرت ميري، في افتتاحية بمجلة (ناشيونال إنتريست)، أنه لا يشاطر هذا الرأي، بل يعتقد أن مهمة كلينتون لن تكون سهلة جدا على اعتبار أنها ستكون مدعوة إلى التغلب على العديد من العوائق والصعاب للظفر بالكرسي الرئاسي. ولاحظ ميري أن "البلاد وصلت الى نقطة تحول بسبب الأزمة الناجمة عن الجمود السياسي الذي طبع الولاية الثانية للرئيس الديمقراطي أوباما"، معتبرا أن أمريكا بحاجة إلى "رمز" سياسي جديد قادر على كسر الجمود ووضع البلاد على المسار الصحيح. ففي عام 2016، يقول ميري، فإن الناخبين، المحبطين والقلقين، يبدون على استعداد لمنح السلطة إلى مرشحين يتطلعون نحو المستقبل، مضيفا أن كلينتون تظل في نظر هؤلاء الناخبين مجرد "نتاج من الماضي". ومع ذلك، أقر كاتب الافتتاحية أن كلينتون يمكنها التخلص من إرث الرئيس الحالي وإعادة التوهج إلى الحزب الديمقراطي، خاصة بفضل موقفها السياسي ومسارها الطويل على الساحة الوطنية وقدرتها على مواجهة اللحظات والمواقف الصعبة . وبالنسبة لمحللين ومراقبين آخرين، فإن الحديث عن رئاسيات 2016 يبقى مجرد تكهنات، طالما أن الرئيسة السابقة للدبلوماسية الأمريكية لم تفز بعد في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. ومما لا شك فيه، تقول الصحافية كريس سيليزا من صحيفة (واشنطن بوست)، إن كلينتون ستكون مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وتعتمد الصحافية في تحليلها على نتائج استطلاعين للرأي أجريا مؤخرا من قبل (إن بي سي) و(ماريست كوليج) أظهرا أن كلينتون تتقدم بشكل كبير في نوايا التصويت لدى الديمقراطيين على نائب الرئيس جو بايدن، خاصة في ولاية أيوا، حيث انهزمت أمام أوباما في عام 2008. وهكذا يبدو فإن "الاتفاق الديمقراطي"، بالنسبة لهذه الصحفية، سيكون مجرد إجراء شكلي على اعتبار أن هوية الفائز معروفة أصلا. أما موقع (ريل كلير بوليتيكس.كوم) الالكتروني، فإنه لم يستسلم لهذا التحليل "الساذج"، والذي "يقلل" من حسابات اللعبة السياسية، حيث أكد أن كلينتون مدعوة وبقوة إلى اجتياز "معركة" الانتخابات التمهيدية ليس أمام جو بايدن، المرشح السيء الحظ في تمهيديات سنتي 1988 و2008، ولكن في مواجهة "النجمة الصاعدة" إليزابيث وارن. وقد أثارت هذه السيناتورة عن ولاية ماساتشوستس، والتي كانت قد استبعدت أي احتمال للترشح للانتخابات التمهيدية، الانتباه خلال خطابها في مؤتمر عقد في ديترويت (ميشيغان) وحضره العديد من النشطاء والديمقراطيين الليبراليين والتقدميين (نيتروت نايشين). ووفقا للموقع الإلكتروني فإن وارن ترمز إلى الوجه الشعبوي الجديد لليسار، الذي تمكن من التغلغل حتى في أعماق "ريد ستايتس" التي تعتبر الحصن التقليدي للجمهوريين. ولاحظ المصدر ذاته أن "موهبة" السيدة وارن من شأنها أن تدفع مجموعة من النشطاء التقدميين إلى إطلاق حركة لدعم ترشيحها لمواجهة كلينتون في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. وفي نفس الاتجاه، أشارت سيليزا عن صحيفة (واشنطن بوست) إلى أن وارن هي "الشخصية الوحيدة" التي يمكن أن تنافس حقا كلينتون، لكن "النجمة الجديدة" في التشكيلة الديمقراطية تفضل في نفس الوقت البقاء بعيدا، مع التركيز على ولايتها في مجلس الشيوخ التي تنتهي في عام 2018. ويمكن لهيلاري كلينتون، بمجرد كسب مرحلة الانتخابات التمهيدية، التطلع حقا نحو الاستمتاع بجمالية الورود التي تزين حدائق البيت الأبيض.