يخلد الشعب المغربي، اليوم الثلاثاء، الذكرى 55 لوفاة جلالة المغفور له محمد الخامس، بطل الكفاح من أجل استقلال المغرب. وكان أب الأمة جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، أسلم الروح إلى بارئها في العاشر من رمضان من سنة 1380 هجرية (26 فبراير 1961)، بعد أن كرس حياته للكفاح من أجل تحرير البلاد واسترجاع استقلالها. وتحمل الملك المجاهد في سبيل ذلك تضحيات جسام، في مقدمتها مرارة المنفى الذي أرغم عليه رفقة بقية أفراد العائلة الملكية من قبل السلطات الاستعمارية. وشهدت فترة الحماية أحداثا تاريخية مهمة أبان خلالها جلالة الملك محمد الخامس، رحمة الله عليه، والشعب المغربي عن تلاحم وثيق وإصرار على التعبئة. ويتذكر المغاربة المسيرة الطويلة لتحرير البلاد والمعركة التي قادها محرر الأمة على جميع الجبهات في تلاحم وثيق مع شعبه، إذ ظل مسار جلالته مرتبطا بالكفاح، من أجل استقلال البلاد وممارسة الشعب المغربي لسيادته وحريته. كما أعطى أب الأمة، رحمه الله، دفعة للأعمال الرامية لإفشال مخططات سلطات الحماية على يد المقاومة والحركة الوطنية، التي توجت سنة 1944 بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي طالبت باسترجاع جميع الحقوق التي سلبها الاستعمار من المغاربة. ولم يكتف الملك الراحل بدعم مطالب الحركة الوطنية، بل إنه رفض الانصياع للضغوط والمناورات الاستعمارية. وقبل أن تتخذ الأحداث منحى المساومة والتهديد ضد الأسرة الملكية، كان جلالته، رحمه الله، ألقى خطاب طنجة التاريخي سنة 1947، الذي أعلن فيه رحمه الله رسميا ودوليا عن مطالب المغرب. كما يخلد المغاربة كلما حل العاشر من رمضان الحدث الجسيم لنفي الأسرة الملكية يوم 20 غشت 1953، الذي عبأ إرادة الشعب المغربي حينها للمضي نحو تحقيق استقلاله وعودة ملكه الشرعي، الأمر الذي تحقق فعلا بعد عودة الملك الراحل رفقة الأسرة الملكية في 16 نونبر 1955 للمغرب ومن ثمة الإعلان عن الاستقلال. وأعلن حينها أب الأمة بداية عهد الجهاد الكبير المتمثل في تشييد صرح الاستقلال والديمقراطية والتنمية في إطار الملكية الدستورية ليتجه المغرب منذ ذلك الحين صوب المستقبل. كما ذاع صيت بطل التحرير رحمه الله كزعيم إفريقي بامتياز استلهمت منه شعوب القارة السمراء تجربته في كفاحها المرير ضد الاستعمار والعنصرية وتحقيق الوحدة والاستقلال واستتباب السلم في العالم. وبعد إرساء ورش التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يواصل جلالة الملك محمد السادس، نجل باني المغرب الحديث الراحل جلالة الملك الحسن الثاني، قدس الله روحه، السير اليوم على نهج جده الملك المجاهد نفسه، في إطار دينامية متجددة تقوي ركائز اقتصاد عصري وتنافسي وتتجه نحو تحديث المملكة وتكريس قيم الديمقراطية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان.