اعتبر محامون بالدارالبيضاء أن مشروع القانون الجديد المتعلق بالمسطرة المدنية، المقدم يوم السبت المنصرم، من طرف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات بالرباط، يشكل"تراجعا خطيرا في حقوق الدفاع وحمايته القانونية، واستهدافا لمهنة المحامي". ونظمت مائدة مستديرة، حول موضوع "قراءة أولية لمسودة مشروع قانون المسطرة المدنية"، الجمعة الماضي بدار المحامي، من طرف نادي المحامين بالمغرب، بشراكة مع هيئة المحامين بالبيضاء. واعتبر المشاركون في اللقاء أن "بعض الفصول في المشروع تمس بمهنة المحاماة، على اعتبار أن المسطرة المدنية آلية من آليات اشتغال المحامي، التي لا يعذر بجهلها، ويترتب عنها مسؤوليته المدنية". وسجل المحامون، على رأسهم عمر ودرا، نقيب هيئة المحامين بالبيضاء، ما اعتبروه "تراجعا غير مبرر في عدد من فصول المشروع بخصوص مهنة المحاماة، مقارنة مع القانون الحالي للمسطرة"، وأن الحديث عن هذا المشروع "يأتي في سياق استهداف مباشر لمهنة المحامي، وسحب الثقة منه". وأوضح المحامون أن الانتقاد لهذا المشروع ينطلق من اللجنة، التي أشرفت على صياغته، مشيرين إلى أن أغلب أعضائها كانوا قضاة، مع تغيب للممارسين للمسطرة، وعلى رأسهم المحامون، مضيفين أن "محاميا واحدا فقط شارك في أشغال هذه اللجنة، وصوته لم يكن مسموعا"، وتساءلوا "إن كان هذا القانون مسطرة جديدة، أم تعديلا للمسطرة الحالية، خاصة أنه قانون ينظم الحياة المدنية". وسجل المحامون "بعض ايجابيات المشروع"، المتمثلة في تبسيط بعض المساطر وضبط البعض الآخر، ما يجعل عمل المحامي أكثر إيجابية، وإحداث مؤسسة جديدة، (قاضي التنفيذ)، من شأنها تبسيط العمل. بالمقابل، اعتبر المحامون أن "بعض الفصول ترجع بالمسطرة المدنية للوراء، خاصة ما يتعلق بحقوق المتقاضين وممارسة المحامين،وهي فصول مطولة وغير مفهومة، ومتناقضة". وناقش المتدخلون مجموعة من المواد المعدلة في المشروع، قائلين إنها تشكل "مسا خطيرا بمهنة المحاماة والمؤسسات، التي تؤطر المحامين"، مطالبين بضرورة مناقشتها، في أفق المطالبة بإلغائها أو تعديلها، لأنها "غير مضبوطة، وبعضها يلغي البعض الآخر". واعتبر المحامون المادة 50 من المشروع "إدلالا للمحامي" بعد إجبارية تسليمه للطيات المتعلقة بالاستدعاء وإجراءات الملف للسهر على تبليغها تحت مسؤوليته إلى المدعى عليه، وهي المهمة التي كانت من اختصاص المفوض القضائي، ووصف آخرون المادة 71 من القانون ب"الكارثة العظمى، التي تجعل من المحامين مجردلصوص"، إذ لأول مرة، يتابع المحامون،تورد في نص المادة المذكورة عبارة "دون نقلها"، حين جاء فيها "يمكن للأطراف أو من ينوب عنهم الاطلاع على مستندات القضية أو أخذ صور منها على نفقتهم في كتابة الضبط دون نقلها". كما تطرق المشاركون إلى "مسألة إلغاء مسطرة القيم ضمن المشروع الجديد، مع عدم توضيح مجموعة من المساطر الأخرى، من قبيل مسطرة التبليغ، والمنازعات، والتداخل بين المسطرة الكتابية والشفوية، في غياب وجود ضبط للميكانيزمات المسطرية بين المسطرتين، والتحقق من الخطوط والبصمات، وفرض بريد إلكتروني على المحامي من أجل التبليغ". واعتبر المتدخلون أن المشروع، المنبثق من توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، يعد "إشارة على رغبة المشرع في إعطاء صلاحيات أكبر لوكلاء الأعمال محرري العقود، من خلال إيجاد اختصاص نوعي لهم بسحب بعض الاختصاصات من مهنة المحاماة، منها قضايا الأسرة، التي ستؤدي المسطرة الجديدة إلى غياب المحامي عنها وتوديعها بالمرة"، وأن "المشروع الجديد لا يخفي رغبة الدولة في تحقيق هدفين، الأول، أن يكون مصدر دخل لها، على اعتبار أن النص مليء بالغرامات، التي ستحول إلى خزينة الدولة، والثاني، إيجاد مناصب شغل بطريقة غير مباشرة لفئات أخرى متداخلة في منظومة العدالة".