أكد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أنه بفضل مبادرة وتوجيه جلالة الملك، اعتمد المغرب السياسة الجديدة للهجرة واللجوء، التي أدخلته نادي دول الاستقبال. (كرتوش) وأعلن رئيس الحكومة، خلال الجلسة الشهرية لمجلس المستشارين، التي تناولت موضوع الهجرة والتنقل، أول أمس الأربعاء، أن اعتماد السياسة الجديدة للهجرة واللجوء تعبير عن "مواصلة المغرب لأوراش الإصلاح والانخراط في عمق التحولات، بما ينسجم مع المقتضيات الحقوقية للدستور"، موضحا أن "هذه السياسة جاءت تنفيذا للالتزامات الدولية للمملكة المغربية المتعلقة أساسا بحقوق اللاجئين والمهاجرين وأفراد أسرهم، والتي أكسبت بلادنا مزيدا من الإشعاع والمصداقية في المنتديات الجهوية والدولية ولدى الدول الصديقة". وأضاف أن الهجرة والتنقل "أصبحتا ظاهرة عالمية وموضوع نقاش وانشغال كبيرين، ومصدر جدال يقع توظيفه سياسيا وانتخابيا في الكثير من الدول". وأوضح أن عدد المهاجرين عبر العالم بلغ سنة 2012 حوالي 240 مليون شخص، منهم 97 مليون مهاجر من الجنوب إلى الشمال و74 مليونا من الجنوب إلى الجنوب. وقال "رغم أن بلادنا كانت على مر التاريخ أرض هجرة بامتياز، فقد شهدت خلال العقدين الأخيرين تحولات على مستوى التدفقات البشرية، جعلت من المغرب ليس دولة مصدرة للهجرة فقط، وإنما كذلك دولة عبور وأرضا للاستقبال والإقامة، باستضافته حوالي 70 ألفا من المهاجرين النظاميين الذين يقصدون المملكة للعمل أو الدراسة أو لقضاء تقاعدهم، إضافة إلى المهاجرين الذين يوجدون في وضعية غير نظامية، بعدما فرضت عليهم أوضاعهم المكوث بالمغرب لسنوات عديدة، بالإضافة إلى اللاجئين (530 فردا) وطالبي اللجوء (3 آلاف وفق تقديرات مكتب الأممالمتحدة للاجئين)، كما تضاعف عدد المهاجرين من دول جنوب الصحراء أربع مرات خلال العقد الأخير". وأكد بنكيران أن السلطات العمومية بادرت، منذ بداية الألفية الثالثة، باتخاذ تدابير في مجال تدبير الهجرة، "لكنها تحتاج إلى رؤية استشرافية وشمولية، وإلى التكيف مع التغيرات المتسارعة والمتلاحقة، التي تعرفها هجرة الأجانب ببلادنا على المستويات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية"، مبرزا أن الحكومة وضعت أسس ومرتكزات السياسة الجديدة للهجرة، تتلخص في تسوية الوضعية القانونية لطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يستجيبون لشروط معينة، وتأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء، وبلورة وتنفيذ استراتيجية لإدماج المهاجرين واللاجئين، تجعل من المهاجر عنصرا لإغناء المجتمع وعاملا لتحريك التنمية، والتصدي لشبكات الاتجار في البشر. تسوية وضعية طالبي اللجوء والمهاجرين في وضعية غير نظامية فتح مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية، ودرس ملفات 850 شخصا حاملا لبطاقة لاجئ، المسلمة لهم من مكتب المفوضية السامية للاجئين. وعمل هذا المكتب منذ 24 دجنبر 2013 على تسوية وضعية 530 فردا، فيما غادر الأشخاص الآخرون المغرب نحو دول أخرى أو نحو دولهم الأصلية، بعدما عرفت عودة الاستقرار والأمن إليها. ورفضت ثلاثة طلبات لأنها تهم أطفالا من أم مغربية، وبالتالي فهم مغاربة. كما أطلقت الحكومة بتاريخ 2 يناير 2014 عملية التسوية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير نظامية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الشأن. وصدرت دورية تؤطر عملية التسوية الاستثنائية لوضعية المهاجرين غير النظاميين. كما فتح 83 مكتبا للأجانب بعمالات وأقاليم المملكة، وتم اعتماد نظام معلوماتي لتدبير العملية وإطلاق حملات للتحسيس والإخبار، وتم كذلك تكوين 3000 عنصر لمواكبة هذه العملية التي ستستمر إلى نهاية السنة الحالية، مع إشراك المجتمع المدني بعضوين في كل مكتب للأجانب باقتراح من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتلقت المكاتب 14311 طلبا، من 92 جنسية تشمل كل القارات. وسلمت أولى بطائق الإقامة للمهاجرين يوم 14 فبراير 2014، وحصل إلى غاية اليوم 814 شخصا على بطائق الإقامة مدة صلاحيتها سنة. تأهيل الإطار القانوني المؤطر للهجرة واللجوء أحدثت لجنة بين قطاعية، مهمتها اقتراح المشاريع اللازمة لتطوير وتأهيل الإطار القانوني للهجرة واللجوء والاتجار في البشر بتحضير ثلاثة مشاريع قوانين أساسية، وهي مشروع القانون المتعلق باللجوء، ومشروع القانون حول مكافحة الاتجار بالبشر وحماية ومساعدة ضحاياه، ومشروع القانون المتعلق بالهجرة. كما سيتم تعديل قوانين أخرى، تماشيا مع التوصيات الواردة في التقرير السالف ذكره. إدماج المهاجرين واللاجئين اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا يعتبر اندماج المهاجرين من التحديات الأساسية التي تواجهها دول الاستقبال، ويشكل أحد الانشغالات الجوهرية لسياساتها في مجال الهجرة. وقد اجتهدت هذه الدول لإيجاد سياسات ملائمة تساعد المهاجرين على الاندماج داخل مجتمعاتها. واختارت المغرب تبني نموذج يتماشى مع خصوصيات ومقومات المجتمع الغني بالتنوع، ويقوم على التلاقح الثقافي والتفاعل بين مختلف الحضارات والديانات، وينبني على اعتبار المهاجر عنصرا إيجابيا لإغناء المجتمع وعاملا مساهما في التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثراء الوطني. وتطبيقا لذلك، شرعت الحكومة، منذ أكتوبر من السنة الماضية، بتعاون مع مختلف الفاعلين الخواص والمجتمع المدني في بلورة مخطط أولي للاندماج يتمثل في ضمان تمتع المهاجرين وأفراد أسرهم بالحقوق الأساسية وحمايتهم من شتى أشكال التمييز، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتمكين المهاجر من الإلمام بثقافة ولغات المغرب، مع العمل على مساعدته على المحافظة على هويته الأصلية بمختلف مكوناتها، وإدماج المهاجرين في وضعية قانونية في سوق الشغل، وتوفير الظروف المناسبة لضمان نجاح الأجيال الناشئة للمهاجرين في مسارهم الدراسي. وبناء على ذلك، تم تمكين أطفال المهاجرين من التسجيل في المدارس العمومية، بغض النظر عن الوضعية القانونية لآبائهم، وتم إطلاق طلب مشاريع موجهة للجمعيات التي تعمل في مجال التربية غير النظامية من أجل تلقين اللغات والثقافة المغربية للمهاجرين واللاجئين وتنظيم دروس للدعم والتقوية للأطفال من أبناء المهاجرين واللاجئين. التصدي لشبكات الاتجار في البشر وضعت السلطات المعنية خطة أمنية وطنية في مجال محاربة شبكات الاتجار في البشر، التي أصبحت تأخذ أشكالا جديدة من حيث التنظيم والعلاقات مع الشبكات الإجرامية الدولية الأخرى التي تتاجر في المخدرات والأسلحة. وترتكز الخطة على الحد من أنشطة الشبكات، خصوصا التي تنشط عبر الحدود الشرقية في اتجاه المغرب، التي تشهد 92 في المائة من محاولات تسرب المهاجرين، وتقوية مراقبة الشواطئ للحد من أنشطة شبكات تهجير المهاجرين غير الشرعيين. وقد تم تسجيل انخفاض مهم في عدد القوارب التي تصل إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط. ومراقبة الغابات وبعض الأماكن التي يتخذها المهاجرون غير الشرعيين كمأوى لهم، وجرى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2014، إيقاف 9170 شخصا في عمليات الهجرة غير الشرعية، واستباق أنشطة الشبكات الإجرامية وتشديد الخناق عليها وإنقاذ الضحايا من هذه الشبكات، وتم تفكيك 1174 شبكة منذ سنة 2007. وتشجيع الرجوع الطوعي للمهاجرين في وضعية غير قانونية، بتعاون مع الهيئات الدبلوماسية لبلدانهم، في ظروف تحترم حقوقهم وكرامتهم، بانتشالهم من مافيا الهجرة السرية وضمان العودة لبلدانهم في ظروف آمنة، مع ترحيل أكثر من 14.700 مهاجر طواعية إلى بلدانهم الأصلية منذ سنة 2004.